وكان اعتقاداً كاذباً مُلتئم به رعباً ﴿بغم﴾ أي كان حصل لكم من القتل والجراح والهزيمة، وسماه - وإن كان في صورة العقاب - باسم الثواب لأنه كان سبباً للسرور حين تبين أنه خبر كاذب، وأن النبي ﷺ سالم حتى كأنهم - كما قال بعضهم - لم تصبهم مصيبة، فهو من الدواء بالداء، ثم علله بقوله :﴿لكيلا تحزنوا على ما فاتكم﴾ أي من النصر والغنيمة ﴿ولا ما أصابكم﴾ أي من القتل والجراح والهزيمة لاشتغالكم عن ذلك بالسرور بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولما قص سبحانه وتعالى عليهم ما فعلوه ظاهراً وما قصدوه باطناً وما داواهم به قال - عاطفاً على ما تقديره : فالله سبحانه وتعالى خبير بما يصلح أعمالكم ويبرىء أدواءكم - :﴿والله﴾ أي المحيط علماً وقدرة ﴿خبير بما تعملون﴾ أي من خير وشر في هذه الحال وغيرها، وبما يصلح من جزائه ودوائه، فتارة يداوي الداء بالداء وتارة بالدواء، لأنه الفاعل القادر المختار. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٦٧ ـ ١٦٨﴾
فصل
قال الفخر :
قوله تعالى ﴿إذ تصعدون﴾
فيه قولان :
أحدهما : أنه متعلق بما قبله، وعلى هذا التقدير ففيه وجوه : أحدها : كأنه قال وعفا عنكم إذ تصعدون، لأن عفوه عنهم لابد وأن يتعلق بأمر اقترفوه، وذلك الأمر هو ما بينه بقوله :﴿إِذْ تُصْعِدُونَ﴾ والمراد به ما صدر عنهم من مفارقة ذلك المكان والأخذ في الوادي كالمنهزمين لا يلوون على أحد
وثانيها : التقدير : ثم صرفكم عنهم إذ تصعدون.
وثالثها : التقدير : ليبتليكم إذ تصعدون.
والقول الثاني : أنه ابتداء كلام لا تعلق له بما قبله، والتقدير : اذكر إذ تصعدون. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٣٣﴾