وإن أعربوا " نُعَاساً " مفعولاً به و" أمَنَةً " حالٌ يلزم الفصل - أيضاً - وفي جوازه نظر، والأحسنُ - حينئذٍ - أن تكون هذه جملة استئنافية جواباً لسؤال مقدَّر، كأنه قيل : ما حكم هذه الأمَنَة ؟ فأخبر بقوله :" تغشى ".
ومن قرأ بالياء أعاد الضمير على " نُعَاساً " وتكون الجملة صفة له، و" مِنْكُمْ " متعلق بمحذوف، صفة لِـ " طَائِفَةً ".
قوله :﴿ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ ﴾ في هذه الواو ثلاثة أوجهٍ :
الأول : أنها واو الحالِ، وما بعدها في محل نَصْبٍ على الحال، والعامل فيها " يَغْشَى ".
الثاني : أنها واو الاستئناف، وهي التي عبر عناه مَكيٌّ بواو الابتداء.
الثالث : أنها بمعنى " إذْ " ذكره مَكي، وأبو البقاءِ، وهو ضعيفٌ.
و" طائفة " مبتدأ، والخبر ﴿ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ ﴾ وجاز الابتداء بالنكرة لأحدِ شيئين : إما للاعتمادِ على واو الحالِ، وقد عده بعضهم مسوغاً - وإن كان الأكثرُ لم يذكره-.
وأنشدوا :[ الطويل ]
سَرَيْنَا وَنَجْمٌ قَدْ أضَاءَ فَمُذْ بَدَا... مُحَيَّاكِ أخْفَى ضَوْءهُ كُلَّ شَارِقِ
وإما لأن الموضعَ تفصيلٌ ؛ فإن المعنى : يغشى طائفةً، وطائفة لم يغشهم.
فهو كقوله :
إذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ... بِشِقٍّ وَشِقٌّ عِنْدَنَا لَمْ يُحَولِ
ولو قُرِئ بنصب " طَائِفَة " - على أن تكون المسألةُ من باب الاشتغالِ - لم يكن ممتنعاً إلا من جهة النقلِ ؛ فإنه لم يُحْفظ قراءة، وفي خبر هذا المبتدأ أربعة أوجهٍ :
أحدها : أنه ﴿ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ ﴾ كما تقدم.
الثاني : أنه " يَظُنُّونَ " والجملة قبله صفة لِـ " طَائِفَة ".