وقوله :" ما قُتِلْنا ههنا " جواب " لَوْ " وجاء على الأفصح، فإن جوابها إذا كان منفياً بـ " ما " فالأكثر عدم اللام، وفي الإيجاب بالعكس، وقد أعرب الزمخشريُّ هذه الجُمَلَ الواقعة بعد قوله :" وطائفة " إعراباً أفْضى إلى خروج المبتدأ بلا خبر فقال :" فإن قُلتَ : كيف مواقعُ هذه الجُمَلِ الواقعة بعد قوله :" وطائفة ".
قُلْتُ :﴿ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ ﴾ صفة لـ ﴿ َطَآئِفَةٌ ﴾ و﴿ يَظُنُّونَ ﴾ صفة أخرى، أو حالٌ، بمعنى : قد أهمتهم أنفسهم ظَانِّين، أو استئنافٌ على وجه البيانِ للجملة قبلها و﴿ يَقُولُونَ ﴾ بدلٌ من ﴿ يَظُنُّونَ ﴾. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٥ صـ ٦٠٩ ـ ٦١٧﴾. بتصرف.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال تعالى :﴿ ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِّنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ ﴾ : فأهل التحقيق والتوحيد يصلون بعد فتراتهم إلى القول بتَرْكِ أنفسهم، وغَسلِ أيديهم منهم، ورفع قلوبهم عنهم فيعيشون بالله لله، بلا ملاحظة طمع وطلبة، بل على عقيدة اليأس عن كل شيء. عليه أكّدُوا العهد، وبدَّلُوا اللحظ، وتركوا كل نصيب وحظ، وهذه صفة مَنْ أنزل عليه الأمَنةَ.
فأمَّا الطائفة التي أهمتهم أنفسهم - فبقوا في وحشة نفوسهم، ومِنْ عاجل عقوبتهم سوءُ عقيدتهم في الطريقة بعد إيمانهم بها ؛ قال تعالى :﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [ الأنعام : ١١٠ ].