قال أبو علي : الأصل دخول النون فرقاً بين لام اليمين ولام الابتداء، ولام الابتداء لا تدخل على الفضلات، فبدخول لام اليمين على الفضلة وقع الفصل، فلم يحتج إلى النون.
وبدخولها على سوف وقع الفرق، فلم يحتج إلى النون، لأن لام الابتداء لا تدخل على الفعل إلا إذا كان حالاً، أمّا إذا كان مستقبلاً فلا. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ١٠٣﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أن في قوله :﴿لإِلَى الله تُحْشَرُونَ﴾ دقائق :
أحدها : أنه لم يقل : تحشرون إلى الله بل قال :﴿لإلى الله تحشرون﴾، وهذا يفيد الحصر، معناه إلى الله يحشر العالمون لا إلى غيره، وهذا يدل على أنه لا حاكم في ذلك اليوم ولا ضار ولا نافع إلا هو، قال تعالى :﴿لّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار﴾ [ غافر : ١٦ ] وقال تعالى :﴿والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [ الإنفطار : ١٩ ]
وثانيها : أنه ذكر من أسماء الله هذا الاسم، وهذا الاسم أعظم الأسماء وهو دال على كمال الرحمة وكمال القهر، فهو لدلالته على كمال الرحمة أعظم أنواع الوعد، ولدلالته على كمال القهر أشد أنواع الوعيد.
وثالثها : إدخال لام التأكيد في اسم الله حيث قال :﴿لإِلَى الله﴾ وهذا ينبهك على أن الإلهية تقتضي هذا الحشر والنشر، كما قال :﴿إِنَّ الساعة ءاتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لتجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تسعى﴾ [ طه : ١٥ ]
ورابعها : أن قوله :﴿تُحْشَرُونَ﴾ فعل ما لم يسم فاعله، مع أن فاعل ذلك الحشر هو الله، وإنما لم يقع التصريح به لأنه تعالى هو العظيم الكبير الذي، شهدت العقول بأنه هو الله الذي يبدىء ويعيد، ومنه الانشاء والإعادة، فترك التصريح في مثل هذا الموضع أدل على العظمة، ونظيره قوله تعالى :﴿وَقِيلَ يا أرض ابلعى مَاءكِ﴾ [ هود : ٤٤ ]