وجَعْل الجواب بقوله :﴿ فلا غالب لكم ﴾ دون أن يقول : لا تغلبوا، للتنصيص على التَّعميم في الجواب، لأنّ عموم ترتّب الجزاء على الشرط أغلبي وقد يكون جزئياً أي لا تغلبوا من بعض المغالبين، فأريد بإفادة التعميم دفع التّوهم.
والاستفهام في قوله :﴿ فمن ذا الذي ينصركم من بعده ﴾ إنكاري أي فلا ينصركم أحد غيره.
وكلمة ﴿ من بَعده ﴾ هنا مستعملة في لازم معناها وهو المغايرة والمجاوزة : أي فمن الَّذي ينصركم دونَه أو غيرَه أي دون اللَّه، فالضّمير ضمير اسم الجلالة لا محالة، واستعمال ( بعد ) في مثل هذا شائع في القرآن قال تعالى :﴿ فمن يهديه من بعد الله ﴾ [ الجاثية : ٢٣ ] وأصل هذا الاستعمال أنه كالتمثيلية المكنية : بأن مثلت الحالة الحاصلة من تقدير الانكسار بحالة من أسلم الذي استنصر به وخذله فتركه وانصرف عنه لأن المقاتل معك إذا ولى عنك فقد خذللك فحذف ما يدل على الحالة المشبه بها ورمز إليه بلازمه وهو لفظ ﴿ من بعده ﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٧٢ ـ ٢٧٣﴾

فصل


قال الفخر :
احتج الأصحاب بهذه الآية على أن الإيمان لا يحصل إلا بإعانة الله، والكفر لا يحصل إلا بخذلانه، والوجه فيه ظاهر لأنها دالة على أن الأمر كله لله. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٥٦﴾

فصل


قال الفخر :
قوله :﴿مِن بَعْدِهِ﴾ فيه وجهان :
الأول : يعني من بعد خذلانه، والثاني : أنه مثل قولك : ليس لك من يحسن إليك من بعد فلان. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٥٦﴾


الصفحة التالية
Icon