(أَحَدُهُمَا) أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُخَالِفٌ لِلْمَعْقُولِ مُصَادِمٌ لِلْوُجُودِ، فَإِنَّ مَنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ فَقَدِ انْتَهَى أَمْرُهُ وَصَارَ قَوْلُ (لَوْ كَانَ كَذَا) عَبَثًا لِأَنَّ الْوَاقِعَ لَا يَرْتَفِعُ، وَالْحَسْرَةَ عَلَى الْفَائِتِ لَا تُفِيدُ، وَمِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ الْعَقْلِ سَلِيمَ الْفِطْرَةِ ; وَلِذَلِكَ جَعَلَ - سُبْحَانَهُ - الْخِطَابَ فِي كِتَابِهِ مُوَجَّهًا إِلَى الْعُقَلَاءِ، وَبَيَّنَ أَنَّ أُولِي الْأَلْبَابِ هُمُ الَّذِينَ يَعْقِلُونَهُ وَيَتَذَكَّرُونَ بِهِ وَيَقْبَلُونَ هِدَايَتَهُ، وَقَالَ فِيمَنْ لَا إِيمَانَ لَهُمْ : وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [٧ : ١٧٩].
(ثَانِيهِمَا) أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَدُلُّ عَلَى جَهْلِ قَائِلِهِ بِالدِّينِ أَوْ جُحُودِهِ، فَإِنَّ الدِّينَ يُرْشِدُ إِلَى تَحْدِيدِ الْآجَالِ وَكَوْنِهَا بِإِذْنِ اللهِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ - تَعَالَى - : وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا [٣ : ١٤٥] فَارْجِعْ إِلَيْهِ.


الصفحة التالية
Icon