وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : أَيْ إِنَّ الْحَيَاةَ وَالْمَمَاتَ بِيَدِ اللهِ - تَعَالَى - وَهُوَ مُمِدُّ الْمَوْجُودَاتِ كُلِّهَا بِمَا يَحْفَظُ وُجُودَهَا وَالْعَالَمِينَ بِحَيَاتِهِمْ وَمَوْتِهِمْ فَلَا يَلِيقُ بِالْعَاقِلِ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ أَمَاتَهُ : لَوْ
كَانَ فِي مَكَانِ كَذَا لَمَا مَاتَ بَلْ كَانَتْ حَيَاتُهُ أَطُولَ (قَالَ) : وَهُنَاكَ عِلَّةٌ أُخْرَى مِنْ عِلَلِ النَّهْيِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَهِيَ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - : وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ حَظَّ الْحَيِّ مِنْ هَذِهِ الْحَيَاةِ هُوَ مَا يَجْمَعُهُ مِنَ الْمَالِ وَالْمَتَاعِ الَّذِي تَتَحَقَّقُ بِهِ شَهَوَاتُهُ وَحُظُوظُهُ، وَمَا يُلَاقِيهِ مَنْ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ فِي سَبِيلِ اللهِ مِنْ مَغْفِرَتِهِ - تَعَالَى - وَرَحْمَتِهِ، فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ جَمِيعِ مَا يَتَمَتَّعُ بِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْفَانِيَةِ، وَالْمَوْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ هُوَ الْمَوْتُ فِي أَيِّ عَمَلٍ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَعْمَلُهَا الْإِنْسَانُ لِلَّهِ، أَيْ سَبِيلِ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ الَّتِي هَدَى اللهُ الْإِنْسَانَ إِلَيْهَا وَيَرْضَاهَا مِنْهُ. وَقَدْ يَمُوتُ الْإِنْسَانُ فِي أَثْنَاءِ الْحَرْبِ مِنَ التَّعَبِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَأْتِيهَا الْمُحَارِبُ فِي أَثْنَائِهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الْمَوْتِ فِي سَبِيلِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.