والجواب عنه من وجوه : الأول : أن قوله :﴿قَالُواْ﴾ تقديره : يقولون فكأنه قيل : لا تكونوا كالذين كفروا ويقولون لإخوانهم كذا وكذا، وإنما عبر عن المستقبل بلفظ الماضي لفائدتين : أحدهما : أن الشيء الذي يكون لازم الحصول في المستقبل فقد يعبر عنه بأنه حدث أو هو حادث قال تعالى :﴿أتى أَمْرُ الله﴾ [ النحل : ١ ] وقال :﴿إِنَّكَ مَيّتٌ﴾ [ الزمر : ٣٠ ] فهنا لو وقع التعبير عنه بلفظ المستقل لم يكن فيه مبالغة أما لما وقع التعبير عنه بلفظ الماضي، دل ذلك على أن جدهم واجتهادهم في تقرير الشبهة قد بلغ الغاية، وصار بسبب ذلك الجد هذا المستقبل كالكائن الواقع.
الفائدة الثانية : إنه تعالى لما عبر عن المستقبل بلفظ الماضي دل ذلك على أنه ليس المقصود الإخبار عن صدور هذا الكلام، بل المقصود الإخبار عن جدهم واجتهادهم في تقرير هذه الشبهة، فهذا هو الجواب المعتمد عندي، والله أعلم.
الوجه الثاني في الجواب : أن الكلام خرج على سبيل حكاية الحال الماضية، والمعنى أن إخوانهم إذا ضربوا في الارض، فالكافرون يقولون لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا، فمن أخبر عنهم بعد ذلك لا بد وان يقول : قالوا، فهذا هو المراد بقولنا : خرج هذا الكلام على سبيل حكاية الحال الماضية.


الصفحة التالية
Icon