والوجه الثاني : في تأويل الآية : أنه ليس الغرض من هذا الكلام الجواب عن تلك الشبهة بل المقصود أنه تعالى لما نهى المؤمنين عن أن يقولوا مثل قول المنافقين، قال :﴿والله يُحْيىِ وَيُمِيتُ﴾ يريد : يحيي قلوب أوليائه وأهل طاعته بالنور والفرقان، ويميت قلوب أعدائه من المنافقين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٤٧﴾
وقال الطبرى :
يعني جل ثناؤه بقوله :(والله يحيي ويميت) والله المعجِّل الموتَ لمن يشاء من حيث يشاء، والمميت من يشاء كلما شاء، دون غيره من سائر خلقه.
وهذا من الله عز وجل ترغيبٌ لعباده المؤمنين على جهاد عدوه والصبر على قتالهم، وإخراج هيبتهم من صدورهم، وإن قل عددهم وكثر عدد أعدائهم وأعداء الله وإعلامٌ منه لهم أن الإماتة والإحياء بيده، وأنه لن يموت أحدٌ ولا يقتل إلا بعد فناء أجله الذي كتب له ونهيٌ منه لهم، إذ كان كذلك، أن يجزعوا لموت من مات منهم أو قتل من قتل منهم في حرب المشركين. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٧ صـ ٣٣٦﴾
وقال الآلوسى :
﴿ والله يُحْيىِ وَيُمِيتُ ﴾ ردّ لقولهم الباطل إثر بيان غائلته أي والله هو المؤثر الحقيقي في الحياة والممات وحده لا الإقامة أو السفر فإنه تعالى قد يحيي المسافر والغازي مع اقتحامهما موارد الحتوف ويميت المقيم والقاعد وإن كانا تحت ظلال النعيم، وليس المراد أنه تعالى يوجد الحياة والممات وإن كان هو الظاهر لأن الكلام ليس فيه ولا يحصل به الرد وإنما الكلام في إحداث ما يؤثرهما، وقيل : المراد أنه تعالى يحيي ويميت في السفر والحضر عند حضور الأجل ولا مؤخر لما قدم ولا مقدم لما أخر، ولا راد لما قضى ولا محيص عما قدر، وفيه منع المؤمنين عن التخلف في الجهاد لخشية القتل والواو للحال فلا يرد أنه لا يصح عطف الإخبار على الإنشاء. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٠٢﴾


الصفحة التالية
Icon