قال : فتعلم أنه تخلّف عن بيعة الرَّضوان فلم يشهدها ؟ قال : نعم.
فكَبّر.
قال ابن عمر : تعالَ لأخبرك ولأبيِّن لك عما سألتني عنه ؛ أمّا فِراره يوم أحَد فأشهد أن الله عفا عنه.
وأما تغيُّبهُ عن بَدْرٍ فإنه كان تحته بنتُ رسول الله ﷺ وكانت مريضةً فقال له النبي ﷺ :" إن لكَ أجر رجل ممن شَهِد بَدْراً وسهْمَه " وأما تغيُّبهُ عن بيعة الرِّضوان فإنه لو كان أحَدٌ أعز ببطن مكة من عثمان بن عفان لبعثه مكانه، فبعث عثمانَ وكانت بيعةُ الرِّضوان بعد ما ذهب عثمانُ إلى مكة ؛ فقال النبي ﷺ بيده اليمنى :" هذه يد عثمان " فضرب بها على يده فقال :"هذه لعثمان".
اذهب بهذا الآن معك.
قلت : ونظير هذه الآية توبةُ الله على آدم عليه السلام.
وقوله عليه السلام :"فحجّ آدمُ موسى" أي غلبه بالحُجّة.
وذلك أن موسى عليه السلام أراد توبيخ آدمَ ولومَه في إخراج نفسه وذرّيتّه من الجنة بسبب أكله من الشجرة ؛ فقال له آدم :"أفتلُومُني على أمر قدّره الله تعالى علي قبل أن أخَلقَ بأربعين سنة تاب علي منه ومن تاب عليه فلا ذنب له ومن لا ذنب له لا يتوجّه عليه لومٌ".
وكذلك من عفا الله عنه.
وإنما كان هذا لإخباره تعالى بذلك، وخبرُه صِدْقٌ.
وغيرهما من المذنبين التائبين يرجون رحمته ويخافون عذابه، فهم على وَجَل وخوف ألاَّ تُقبل توبتهم، وإن قُبلت فالخوف أغلبُ عليهم إذ لا عِلْمَ لهم بذلك. فاعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٢٤٥﴾
فصل
قال الفخر :
قوله :﴿إِنَّ الذين تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ التقى الجمعان﴾ هذا خطاب للمؤمنين خاصة يعني الذين انهزموا يوم أحد ﴿إِنَّمَا استزلهم الشيطان﴾ أي حملهم على الزلة.