ومن فوائد الشيخ الشعراوى فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾
أي أنه سبحانه قد جمع المؤمنين وجمع الكافرين في أحُد بإذن منه وبعلمه والنتيجة معروفة عنده، وأنه سيحدث منكم كذا وكذا، إذن فهذا أمرٌ معلوم، أو ﴿ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ أي في السنن التي لا تتخلف، فالمسألة لم تأت بغير علم الله، لا. لقد جاءت بإذن الله ولا تتخلف - تطبيقا - عن أَحَدٍ من خلقه أبداً مهما كانت منزلته.
﴿ وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ساعة ترى أمراً أجراه الله ليعلم الذين نافقوا، وليعلم المؤمنين، نعرف أن الله عالم بهم قبل أن تقع الأحداث، ولكن علمه لا يكون حجة على الغير إلا إن حدث منه بالفعل ؛ لجواز أن يقول : يارب أنت حاسبتني بعلمك أن هذا سيحدث، لكن ما كنت لأفعله. فيوضح الحق : لا. أنت قد علمته لأنك فعلته وصار واقعاً منك وتقوم به الحجة عليك.
وأضرب هذا المثل - ولله المثل الأعلى - أنت كمعلم تقول لواحد من الطلبة : أنت راسب، فيقول لك : لا، لا بد أن تمتحنني. تقول له : أنا أعرف أنك راسب. فيقول لك : أنا لا آخذ بعلمك بل لا بد أن تمتحنني. تقول له : تعال أمتحنك. وتعطيه بعض الأسئلة فيرسب. وهنا يصير علمه برسوبه أمراً واقعاً، وهو كان يعلمه بسبق علم، لكنه الآن لا يقدر أن يجادل لأنه صار واقعا محسوساً.
ويقول الحق :﴿ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ومنهم الثابت الإيمان الذي لا يتزعزع ويعلم أنه إذا أصابته مصيبة بما قدم لنفسه، هذه المصيبة تزيده إيماناً بإلهه. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ١٨٦٥﴾