وحكى النقاش - عن بعض المفسّرين - أن " أقرب " - هنا - ليست من معنى القُرب - الذي هو ضد البُعْدِ - وإنما هي من القَرَب - بفتح القاف والراء - وهو طلبُ الماءِ، ومنه قارب الماء، وليلةُ القُرْب : ليلة الورود، فالمعنى : هم أطلب للكفر، وعلى هذا تتعين التعدية باللام - على حَدِّ قولك : زيد أضربُ لعمرو.
قوله :﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم ﴾ في هذه الجملة وجهانِ :
أحدهما : أنها مستأنفةٌ، لا محلَّ لها من الإعرابِ.
الثاني : أنها في محل نَصْب على الحال من الضمير في " أقرب " أي : قربوا للكفر قائلين هذه المقالة - وقوله :﴿ بِأَفْوَاهِهِم ﴾ قيل : تأكيد، كقوله :﴿ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ﴾ [ الأنعام : ٣٨ ]. والظاهرُ أن القولَ يُطْلق على اللساني والنفساني، فتقييده بقوله :﴿ بِأَفْوَاهِهِم ﴾ تقييد لأحد مُحْتَمَلَيْه، اللهم إلا أن يُقَال : إن إطلاقه على النفسانيّ مجاز، قال الزمخشري :" وذكر الأفواه مع القلوب ؛ تصويراً لنفاقهم، وأن إيمانهم موجود في أفواههم، معدوم في قلوبهم ".
وبهذا - الذي قاله الزمخشريُّ - ينتفي كونُه للتأكيد ؛ لتحصيله هذه الفائدة - ومعنى الآية : أن لسانهم مُخَالِفٌ لقلوبهم، فهم وإن كانوا يُظْهرون الإيمانَ باللسانِ، لكنهم يُضْمِرون في قلوبهم الكُفْرَ. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٦ صـ ٣٩ ـ ٤٣﴾. بتصرف.