" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
﴿ هُمْ دَرَجَاتٌ ﴾ مبتدأ وخبر، ولا بد من تأويل [ بالإخبار ] بالدرجات عن " هم " لأنها ليست إياهم، فيجوز أن يكون جُعُلوا نَفْسَ الدرجات مبالغةً، والمعنى : أنهم متفاوتون في الجزاء على كَسْبهم، كما أن الدرجات متفاوتة والأصل على التشبيه، أي : هم مثل الدرجات في التفاوت.
ومنه قوله :[ الوافر ]
أنصْبٌ لِلْمَنِيَّةِ تَعْتَريهم... رِجَالِي أمْ هُمُ دَرَجُ السُّيُولِ
ويجوز أن يكون على حَذْف مضاف، أي : هم ذوو درجات، أي : أصحاب منازل ورُتَب في الثواب والعقاب وأجاز ابنُ الخطيب أن يكون في الأصل : لهم درجاتٌ -فحُذِفت اللامُ- وعلى هذا يكون " درجات " مبتدأ، وما قبلها الخبرُ، وردَّه بعضهم، وقال : هذا من جهله وجهل متبوعيه -من المفسرين- بلسان العرب، وقَالَ : لا مساغ لحذف اللام ألبتة ؛ لأنها إنما تُحَذَف في مواضع يضطر إليها، وهنا المعنى واضحٌ، مستقيم من غير تقدير حَذْف.
قال شهابُ الدينِ :" وادِّعاء حذف اللام خَطَأٌ، والمخطئ معذورٌ ؛ وقد نُقِلَ عن المفسرين هذا، ونقل عن ابن عبَّاسٍ والحسنِ لكل درجات من الجنة والنار، فإن كان هذا القائل أخذ من هذا الكلام بأن اللام محذوفة فهو مخطئ ؛ لأن هؤلاء -رضي الله عنهم- يفسَِّرون المعنى لا الإعراب اللفظي ".
وقرأ النخعي " هم درجة " بالإفراد على الجنس.
قوله :﴿ عِندَ الله ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلق بـ " درجات " فيكون في محل رفع.

فصل


" هم " عائد إلى لفظ " من " في قوله :﴿ أَفَمَنِ اتبع رِضْوَانَ الله ﴾ ولفظ " كم " معناه الجمع. ونظيره قوله تعالى :﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً ﴾ [ السجدة : ١٨ ]. ثم قال :" لا يستوون " بصيغة الجمع، وهو عائد إلى " من ". أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٦ صـ ٣٠ ـ ٣١﴾.
سؤال : فإن قيل : كيف جعل لكل درجات ؛ وأحد الفريقين لهم دركات لا درجات ؟
قلنا : الدرجات تستعمل فى الفريقين بديل قوله تعالى فى سورة الأحقاف ﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾
وتحقيقه : أن بعض أهل النار أخف عذابا، فمكانه فيها أعلى، وبعضهم أشد عذابا فمكانه فيها أسفل.
ولو سلم اختصاص الدرجات بأهل الجنة كان قوله ﴿هم درجات﴾ راجعا إليهم خاصة ؛ تقديره : أفمن اتبع رضوان الله، وهم درجات عند الله كمن باء بسخط من الله وهم دركات ؟ إلا أنه حذف البعض لدلالة المذكور عليه. أ هـ ﴿تفسير الرازى صـ ٧٠﴾


الصفحة التالية
Icon