فائدة
قال فى ملاك التأويل :
قوله تعالى :"لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم" وفى الجمعة :"هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم". للسائل أن يقول : إن مقصد الآيتين الإخبار بامتنانه تعالى على العرب بأن بعث فيهم رسولا منهم ولم يكن من غيرهم ثم اختلفت العبارة فى البيان فقيل فى الأولى"من أنفسهم" وفى الثانية"منهم" فيسأل عن وجه ذلك ؟
والجواب عن ذلك : أن قولك فلان من أنفس القوم أوقع فى القرب من قولك فلان منهم فإن هذا قد يراد للنوعية فلا يتخلص لتقريب المنزلة والشرف إلا بقرينة
أما "من أنفسهم" فأخص فلا يفتقر إلى قرينة ولذلك وردت حيث قصد النعريف بعظيم النعمة به ـ ﷺ ـ على أمته وجليل إشفاقه وحرصه على نجاتهم ورأفته ورحمته بهم فقال تعالى :"لقد جاءكم رسول من أنفسكم" وقال تعالى فيمن كان على الضد من حال المؤمنين المستجيبين"ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه" فتأمل موقع قوله هنا"منهم" لما قصد أنه إنعام عليهم لم يوفقوا لمعرفة قدره ولا للاستجابة المثمرة النجاة فقيل هنا"منهم" فأما قوله ﷺ :"سلمان منا أهل البيت" بأنه لما لم يكن رضى الله عنه من قريش وأراد عليه السلام تقريبه وتشريفه عبر بما يعطى ذلك ولا يخص خصوص قوله : من أنفسنا وإنما تخلص لحرف الخصوصية بقرينة قوله عليه السلام"سلمان منا أهل البيت" وأما قوله عليه السلام فى فاطمة" إنما هى بضعة منى"فقد تحصل فيه أتم خصوص من وجهين :
أحدهما قوله عليه السلام"منى" وهذا أخص من قوله عليه السلام"منا" فتأمله فهو مناف للشياع الداخل فى قوله"منا" والثانى قوله"بضعة" فجعلها عليه السلام جزءا منه وذلك أعلى خصوص.


الصفحة التالية
Icon