واختار أبو حيان أن " أنى " بمعنى " كيف " قال : و" أنى " سؤالٌ عن الحال -هنا- ولا يناسب أن يكون -هنا- بمعنى " أين " أو " متى " لأن الاستفهام لم يقع عن المكان، ولا عن الزمان، إنما وقع عن الحال التي اقتضت لهم ذلك، سألوا عنها على سبيل التعجُّب -وجاء الجواب من حيث المعنى لا من حيثُ اللفظ- في قوله :﴿ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ -والسؤال بـ " أنى " سؤال عن تعيين كيفية حصول هذا الأمرِ، والجواب كقوله :﴿ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ يتضمن تعيين الكيفية ؛ لأنه بتعيين السبب تتعين الكيفيةُ من حيثُ المعنى لو قيل -على سبيل التعجُّبِ والإنكارِ- : كيف لا يحج زيد الصَّالحُ ؟ وأجيب ذلك بأن يقال : لعدم استطاعته، لحصل الجوابُ، وانتظم من المعنى أنه لا يحج وهو غير مستطيعٍ.
قال شهابُ الدينِ :" أما قوله : لا يقدِّر الظرف بحرف جَرّ غير " في " فالزمخشريُّ لم يقدر " في " مع " أن " حتى يلزمه ما قال، إنما جعل " أنى " بمنزلة " من أين " في المعنى. وأما عدوله عن الجواب المطابق لفظاً فالعكسُ أولى ".
قوله :﴿ قَدْ أَصَبْتُمْ ﴾ في محل رفع ؛ صفة لـ " مصيبة ". و" قلتم " -على مذهب سيبوبه- جواب " لما " وعلى مذهب الفارسيّ ناصب لها على حسب ما تقدم من مذهبيهما.
قوله :﴿ قُلْ هُوَ ﴾ هذا الضمير راجع على " المصيبة " من حيثُ المعنى، ويجوز أن يكونَ حذفُ مضافٍ مراعى -أي : سببها- وكذلك الإشارة لقوله :﴿ أنى هذا ﴾ لأن المراد المصيبة. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٦ صـ ٣٥ ـ ٣٧﴾.


الصفحة التالية
Icon