وروى وكيع عن سالم بن الأفْطَس عن سعيد بن جبير ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الذين قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ ﴾ قال : لما أُصيب حمزة بن عبد المطّلب ومُصْعَب بن عُمير ورأوا ما رُزقوا من الخير قالوا : ليت إخواننا يعلمون ما أصابنا من الخير كي يزدادوا في الجهاد رَغْبَةً ؛ فقال الله تعالى أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله تعالى :﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الذين قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتاً ﴾ إلى قوله :﴿ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المؤمنين ﴾.
وقال أبو الضحى : نزلت هذه الآية في أهل أُحُد خاصّةً.
والحديثُ الأوّل يقتضي صحةَ هذا القول.
وقال بعضهم : نزلت في شهداء بَدْر وكانوا أربعة عشر رجلاً ؛ ثمانيةٌ من الأنصار، وستة من المهاجرين.
وقيل : نزلت في شهداء بئر مَعُونة، وقصتهم مشهورة ذكرها محمد بن إسحاق وغيره.
وقال آخرون : إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمة وسرور تحسّروا وقالوا : نحن في النعمة والسرور، وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور.
فأنزل الله تعالى هذه الآية تَنْفِيساً عنهم وإخباراً عن حال قتلاهم.
قلت : وبالجملة وإن كان يحتمل أن يكون النّزول بسبب المجموع فقد أخبر الله تعالى فيها عن الشهداء أنهم أحياءٌ في الجنة يُرزقون، ولا مَحالَة أنهم ماتوا وأن أجسادهم في التراب، وأرواحهم حيّة كأرواح سائر المؤمنين، وفُضّلوا بالرزق في الجنّة من وقت القَتْل حتى كأن حياة الدنيا دائمة لهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٢٦٨ ـ ٢٦٩﴾