الثاني : وهو قول ابن عباس، ومحمد بن إسحاق : أن ركبا من عبد القيس مروا بأبي سفيان، فدسهم إلى المسلمين ليجبنوهم وضمن لهم عليه جعلا.
الثالث : قال السدي : هم المنافقون، قالوا للمسلمين حين تجهزوا للمسير إلى بعد لميعاد أبي سفيان : القوم قد أتوكم في دياركم، فقتلوا الأكثرين منكم، فإن ذهبتهم إليهم لم يبق منكم أحد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٨١﴾
فائدة
قال الجصاص :
قَوْله تَعَالَى :﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ﴾ الْآيَةَ.
رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَابْنِ إِسْحَاقَ :" إنَّ الَّذِينَ قَالُوا كَانُوا رَكْبًا وَبَيْنَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ لِيَحْبِسُوهُمْ عِنْدَ مُنْصَرِفِهِمْ مِنْ أُحُدٍ لَمَّا أَرَادُوا الرُّجُوعَ إلَيْهِمْ ".
وَقَالَ السُّدِّيُّ :" هُوَ أَعْرَابِيٌّ ضَمِنَ لَهُ جُعْلًا عَلَى ذَلِكَ " ؛ فَأَطْلَقَ اللَّهُ تَعَالَى اسْمِ النَّاسِ عَلَى الْوَاحِدِ عَلَى قَوْلِ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا وَاحِدًا، فَهَذَا عَلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ لَفْظَ الْعُمُومِ وَأَرَادَ بِهِ الْخُصُوصَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَمَّا كَانَ النَّاسُ اسْمًا لِلْجِنْسِ وَكَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ، تَنَاوَلَ ذَلِكَ أَقَلَّهُمْ وَهُوَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّهُ لَفْظُ الْجِنْسِ، وَعَلَى هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ قَالَ : إنْ كَلَّمْت النَّاسَ فَعَبْدِي حَرٌّ : إنَّهُ عَلَى كَلَامِ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ ؛ لِأَنَّهُ لَفْظُ الْجِنْسِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ اسْتِغْرَاقَ الْجِنْسِ فَيَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٢ صـ ٣٣٣﴾

فصل


قال البقاعى
ومما يجب التنبيه له أن البيضاوي قال تبعاً للزمخشري : إن النبي ﷺ خرج إلى بدر الموعد في سبعين راكباً، وفي تفسير البغوي أن ذلك كان في حمراء الأسد، فإن حمل على أن الركبان من الجيش كان ذلك عددهم وأن الباقين كانوا مشاة فلعله، وإلا فليس كذلك، وأما في حمراء الأسد فإن النبي ﷺ بلغه أن المشركين هموا بعد انفصالهم من أحد بالرجوع، فأراد أن يرهبهم وأن يريهم من نفسه وأصحابه قوة، فنادى مناديه يوم الأحد - الغد من يوم أُحد - بطلب العدو وأن لا يخرج معه إلا من كان حاضراً معه بالأمس، فأجابوا بالسمع والطاعة، فخرج في أثرهم واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، ولا يشك في أنهم أجابوا كلهم، ولم يتخلف منهم أحد، وقد كانوا في أحد نحو سبعمائة ولم يأذن رسول الله ﷺ في الخروج معه لأحد لم يشهد القتال يوم أحد، واستأذنه رجال لم يشهدوها فمنعهم إلا ما كان من جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فإنه أذن له لعلة ذكرها في التخلف عن أحد محمودة.


الصفحة التالية
Icon