واعلم أن أهل المغازي اختلفوا، فذهب الواقدي إلى تخصيص الآية الأولى بواقعة حمراء الأسد، والآية الثانية ببدر الصغرى، ومنهم من يجعل الآيتين في وقعة بدر الصغرى، والأول أولى لأن قوله تعالى :﴿مِن بَعْدِ مَا أصابهم القرح﴾ كأنه يدل على قرب عهد بالقرح، فالمدح فيه أكثر من المدح على الخروج على العدو من وقت إصابة القرح لمسه، والقول الآخر أيضا محتمل.
والقرح على هذا القول يجب أن يفسر بالهزيمة، فكأنه قيل : إن الذين انهزموا ثم أحسنوا الأعمال بالتوبة واتقوا الله في سائر أمورهم، ثم استجابوا لله وللرسول عازمين على الثواب موطنين أنفسهم على لقاء العدو، بحيث لما بلغهم كثرة جموعهم لم يفتروا ولم يفشلوا، وتوكلوا على الله ورضوا به كافياً ومعيناً فلهم أجر عظيم لا يحجبهم عنه ما كان منهم من الهزيمة إذ كانوا قد تابوا عنها والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٨٣﴾
قوله تعالى ﴿إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فاخشوهم فَزَادَهُمْ إيمانا﴾

فصل


قال الفخر :
المراد بالناس هو أبو سفيان وأصحابه ورؤساء عسكره، وقوله :﴿قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ﴾ أي جمعوا لكم الجموع، فحذف المفعول لأن العرب تسمي الجيش جمعا ويجمعونه جموعا، وقوله :﴿فاخشوهم﴾ أي فكونوا خائفين منهم، ثم إنه تعالى أخبر أن المسلمين لما سمعوا هذا الكلام لم يلتفتوا إليه ولم يقيموا له وزنا، فقال تعالى :﴿فَزَادَهُمْ إيمانا﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٨١﴾
فائدة
قال الفخر :
الضمير في قوله :﴿فَزَادَهُمْ﴾ إلى ماذا يعود ؟ فيه قولان : الأول : عائد إلى الذين ذكروا هذه التخويفات.


الصفحة التالية
Icon