وعلى ذلك نقرأ قول الحق :﴿ إِنَّمَا ذالِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾ ونفهم منها ؛ أن ذلكم الشيطان يخوِّفكم أنتم من أوليائه، لأن حرف الجر في الآية الكريمة محذوف، ويعاضد هذا ويقويه قراءة ابن عباس وابن مسعود : يخوفكم أولياءه، وينبه الحق المؤمنين ألاّ يخافوا من أولياء الشيطان فيقول :﴿ فَلاَ تَخَافُوهُمْ ﴾.
وهذا يوضح لنا أن الشيطان إنما أراد أن يُخوّف المؤمنين من أوليائه وهم المنافقون والكافرون. وبعض المفسرين قال :﴿ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾ المقصود بهم أن الشيطان يخوّف أولياءه حتى يَجبنوا من القتال، فنزغ فيهم أنهم إن خرجوا للقتال فقد يموتون ولكن إن جاز ذلك القول على المنافقين الذين لم يخرجوا مع الرسول لملاقاة المشركين فكيف يجوز ذلك على الصنف الثاني من أوليائه وهم الكفار ؟ إن الكفار قد خرجوا فعلا لقتال المؤمنين. ونفهم من قول الحق :﴿ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ ﴾ أن أولياء الشيطان ليسوا هم الخائفين ولكنهم هم المخوِّفون :﴿ إِنَّمَا ذالِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ ﴾.
فالحق سبحانه يطلب من المؤمنين أن يصنعوا معادلة ومقارنة، أيخافون أولياء الشيطان، أم يخافون الله ؟ ولا بد أن يصلوا إلى الخوف من الله القادر على دحر أولياء الشيطان.
ومن بعد ذلك يقول الحق سبحانه :﴿ وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئاً... ﴾. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ١٨٨١ ـ ١٨٨٢﴾