ودَخل قوم على عُمر بن عبد العزيز يَعودونه في مَرضه، وفيهم شابٌّ ذابل ناحِل. فقال له عُمر : يا فتى، ما بَلغ بك ما أَرى ؟ قال : يا أميرَ المؤمنين، أمراضُ وأسقام. قال له عمر : لَتَصْدُقَنِّي. قال : بلى يا أمير المؤمنين، ذُقت يوماً حلاوةَ الدنيا فوجدتُها مُرَّةً عواقُبها، فاستوى عندي حَجَرُها وذَهَبُها، وكأَنِّي أنظر إلى عَرْش ربِّنا بارزاً، وإلى الناس يُسَاقون إلى الجنة والنار، فأظمأْتُ نَهاري، وأسْهَرْتُ ليلي، وقليلٌ كلُّ ما أنا فيه في جنْب ثواب الله وخوف عقابه.
وقال ابن أبي اَلحَواريّ : قلت لسُفيان : بلغني في قول الله تبارك وتعالى :" إلاَ مَنْ أتىَ الله بِقَلْب سَلِيم " الذي يَلْقى ربَّه وليس فيه أَحَدٌ غَيْره. فبكى وقال : ما سمعتُ منذ ثلاثين سنةً أحسَنَ من هذا التفسير. وقال الحسنُ : إنّ خوفك حتى تلقى الأمنَ خيرٌ من أمنك حتى تَلقى الخوف. وقال : ينبغي أن يكوِن الخوفُ أغلبَ على الرجاء، فإنّ الرجاء إذا غَلَب الخوفَ فَسَد القلبُ. وقال : عجباَ لمَن خافَ العِقَابَ ولم يَكُف، ولمَن رَجا الثوابَ ولم يَعْمل.
وقال علي بن أبي طالب كرَّمَ الله وجَهه لرجل : ما تَصْنع ؟ فقال : أرجو وأخاف، قال : مَن رجا شيئاً طلبه، ومَن خاف شيئاً هرب منه. وقال الفضَيْل بن عياض : إني لأسْتَحِي من الله أن أقول : تَوَكلت على اللّه، ولو توكلت عليه حقَّ التوكل ما خِفْتُ ولا رَجَوْتُ غيره. وقال : مَن خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومَن لم يَخف الله أخافَه الله من كل شيء. وقال : وعْد من اللهّ لمَن خافَهُ أن يُدْخِله اللَهُ الجنةَ، وتلا قولَه عزَّ وجَلّ :" وَلمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّه جَنَّتَان ".