وذكروا أن صفية جاءت لتنظر إلى أخيها حمزة فقال ﷺ للزبير " ردّها لئلا تجزع من مثلة أخيها ". فقالت : قد بلغني ما فعل به وذلك يسير في جنب طاعة الله تعالى. فقال للزبير : فدعها تنظر إليه، فقالت خيراً واستغفرت له. وجاءت امرأة أخرى قد قتل زوجها وأبوها وأخوها وابنها، فلما رأت الرسول ﷺ وهو حي قالت : إن كل مصيبة بعدك هدر. وأما الثانية فروى ابن عباس أن أبا سفيان لما عزم أن ينصرف من المدينة إلى مكة نادى : يا محمد موعدنا موسم بدر الصغر القابل فنقتتل بها إن شئت. فقال ﷺ لعمر : قل بيننا وبينك ذاك إن شاء الله. فلما حضر الأجل خرج أبو سفيان مع قومه حتى نزل مرّ الظهران، فألقى الله الرعب في قلبه فبدا له أن يرجع، فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي وقد قدم معتمراً فقال : يا نعيم إني واعدت محمداً أن نلتقي بموسم بدر، وإن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن، وقد بدا لي أن أرجع. ولكن إن خرج محمد ولم أخرج زاده ذلك جرأة فألحق بالمدينة وثبطهم ولك عندي عشر من الإبل. فخرج نعيم فوجد المسلمين يتجهزون فقال لهم : ما هذا بالرأي أتوكم في دياركم وقراركم فقتلوا أكثركم، فإن ذهبتم إليهم لم يرجع منكم أحد، فوقع هذا الكلام في قلوب قوم منهم. فقال ﷺ " والذي نفسي بيدهه لأخرجنّ إليهم وحدي ". فخرج في سبعين راكباً وهم يقولون : حسبنا الله ونعم الوكيل، إلى أن وصلوا إلى بدر الصغرى وهي ماء لبني كنانة وكانت موضع سوق لهم يجتمعون فيها كل عام ثمانية أيام. فلم يلق رسول الله ﷺ وأصحابه أحداً من المشركين. وكانت معهم تجارت ونفقات فوافوا السوق وباعوا ما معهم واشتروا بها أدماً وزبيباً وربحوا وأصابوا بالدرهم درهمين، وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين. ورجع أبو سفيان إلى مكة فسمى أهل مكة جيشه جيش السويق وقالوا : إنما


الصفحة التالية
Icon