﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ * إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴾
[الشعراء : ٣-٤]
والحق سبحانه وتعالى لا يريد أعناقاً، لكنه يريد قلوباً تأتي له بعامل الاختيار والمحبة، فباستطاعته وهو الخالق الأكرم أن يخلق البشر على هيئة غير قابلة للمعصية، كما خلق الملائكة، إن كل الأجناس تٌسبّح بحمده، إذن فالقرآن يُبيّن حِرصَه ﷺ بأن يؤمن الناس جميعاً وأن يذوقوا حلاوة اللقاء بربهم، واتّباع منهج الله، وحلاوة التشريع الذي يُسعدهم ويُسعد كل ملكاتهم. فإذا ما جاءت المسائل على غير ما يُحبُّ رسول الله. فها هو ذا قول الله سبحانه :﴿ وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ﴾.
وهذا دليل على أن الله يريد أن يُبلّغ البشر : أيها الناس إن من فَرْط حُبّ الرسول لكم أنه يحزن من أجل عِصيانكم وأنا الذي أقول له : لا تحزن. والرسول ﷺ رحيم بالأمة كلّها، كما يقول القرآن :
﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾
[الأنبياء : ١٠٧]
ويكفيه موقفه ﷺ يوم القيامة، حين تذهب كل أمة إلى رسولها ليردّها، فتأتي الأمم إلى رسول الله ﷺ فيُكرمه الله بقبول شفاعته حتى يُعجل الله بالفصل والحساب، وهذه رحمة للعالمين ؛ لأنهم من هول الموقف يتمنون الانصراف ولو إلى النار.
ونحن قلنا سابقا : إن الحق سبحانه وتعالى علم انشغال سيدنا رسول الله ﷺ بأمته وبرحمته بهم، فقال له الله - ليريح عواطفه ومواجيده - ما ورد هنا في الحديث الشريف :
فعن عبد الله ابن عمر بن العاص رضي الله عنه أن النبي ﷺ تلا قول الله عز وجل في إبراهيم :﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ﴾.


الصفحة التالية
Icon