إذن فقول الله :﴿ وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ﴾ هو توضيح من الله لرسوله بأنهم لم يسارعوا في الكفر تقصيراً منك، فأنت قد أديت واجبك، ويضيف سبحانه :﴿ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئاً ﴾ ولم يقل سبحانه : إنهم لن يضروك، أو لن يضروا المؤمنين، لا بل لقد جعل سبحانه وتعالى المعركة معه وهو القوى ذو الجبروت إنّه هنا يطمئن المؤمنين.
ويريد الله ألا يجعل للذين يسارعون إلى الكفر حظاً في الآخرة فيقول :﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ وما دامت هذه إرادات الله في ألا يجعل لهم حظاً في الآخرة، أيكون لهم عمل يصادم مرادات ربهم ؟ لا.
إنه سبحانه يريد بما شرّع من منهج أن تأتيهم سُنّته، والله يعذّب من يخالف سُنته التي شرعها. لأنه جلت قدرته يطلب من المكلفين أن يطبقوا سنته التي شرعها لهم.
وفرق بين وجود " لام العاقبة " التي تأتي حين يكون في مُراد العبد شيء، ولكن القُدرة الأعلى تريد شيئاً آخر، وهي تختلف عن " لام الإرادة " والتعليل فـ " لام الإرادة والتعليل " تتضح في قولنا : ذاكر التلميذ لينجح، لأن علّة المذاكرة هي الرغبة في النجاح، أما " لام العاقبة "، فتتضح عندما يقول الأب لابنه : أنا دللتك لترسب آخر العام.
أدللّ الأب ابنه حتى يرسب ؟ لا، ولكن الأب يأتي هنا بـ " لام العاقبة " أي كان للأب مراد، ولكن قدرة أعلى جاءت على خلاف المراد.
ونوضح المسألة أكثر، فالحق يقول في قصة سيدنا موسى :
﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾
[القصص : ٧]


الصفحة التالية
Icon