- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : يَا جَابِرُ ! مَالِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا ؟ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا فَقَالَ : أَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللهُ بِهِ أَبَاكَ ؟ قُلْتُ : بَلَى. قَالَ : مَا كَلَّمَ اللهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا وَقَالَ : يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَى أُعْطِكَ. قَالَ : يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً. قَالَ الرَّبُّ - تَعَالَى - : قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ لَا يُرْجَعُونَ. قَالَ : أَيْ رَبِّي فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الْآيَةَ قَالُوا : وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ لِجَوَازِ وُقُوعِ الْأَمْرَيْنِ وَنُزُولِ الْآيَةِ فِيهِمَا مَعًا. وَأَقُولُ : إِنِ الْآيَةَ مُتَّصِلَةٌ بِمَا قَبْلَهَا مُتَمِّمَةٌ لَهُ، فَإِذَا صَحَّ الْخَبَرَانِ فَهُمَا مِنْ جُمْلَةِ وَقَائِعِ غَزْوَةِ أُحُدٍ الَّتِي نَزَلَ فِيهَا هَذَا السِّيَاقُ كُلُّهُ، وَالْمَعْنَى : لَا تَحْسَبَنَّ يَا مُحَمَّدُ أَوْ أَيُّهَا السَّامِعُ لِقَوْلِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الْبَعْثَ أَوْ يَرْتَابُونَ فِيهِ فَيُؤْثِرُونَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا أَنَّ مَنْ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ قَدْ فَقَدُوا الْحَيَاةَ وَصَارُوا عَدَمًا. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ قُتِّلُوا بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ لِلْمُبَالَغَةِ بَلْ هُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فِي عَالَمٍ غَيْرِ هَذَا الْعَالَمِ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ لِلشُّهَدَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَلِكَرَامَتِهِ وَشَرَفِهِ أَضَافَهُ الرَّبُّ - تَعَالَى - إِلَيْهِ فَهَذِهِ الْعِنْدِيَّةُ عِنْدِيَّةُ شَرَفٍ


الصفحة التالية
Icon