عَنِ الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ. أَوِ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالْمَعْنَى بِسَبَبِ أَنَّهُ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ إِلَخْ. وَحِينَئِذٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا مَنْفِيَّيْنِ عَنْهُمْ أَنْفُسِهِمْ، أَيْ إِنَّ الْفَرَحَ وَالِاسْتِبْشَارَ يَكُونَانِ شَامِلَيْنِ لَهُمْ بِحَالِهِمْ وَبِحَالِ مَنْ خَلْفَهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمْ بِسَبَبِ انْتِفَاءِ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ عَنْهُمْ وَهُمْ حَيْثُ هُمْ. كَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ نَفْيَهُمَا عَنِ الَّذِينَ لَمْ يَلْحِقُوا بِهِمْ أَيْضًا، وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي أَنَّ الْمُرَادَ بِنَفْيِ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ نَفْيُهُمَا عَنِ الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِمَّنْ قَاتَلَ مَعَهُمْ وَلَمْ يُقْتَلْ، وَأَنَّ الْآيَةَ الْآتِيَةَ مُفَسِّرَةٌ لِذَلِكَ. وَالْخَوْفُ : تَأَلُّمٌ مِنْ مَكْرُوهٍ يُتَوَقَّعُ، وَالْحُزْنُ : تَأَلُّمٌ مِنْ مَكْرُوهٍ وَقَعَ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذَا التَّرْكِيبِ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ رَاجِعْ تَفْسِيرَ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا [٢ : ٦٢] وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ وَالْحُزْنِ : مَا يَكُونُ فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ : بَلِ الْمُرَادُ مَا يَكُونُ فِي الْآخِرَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنِ اسْتِئْصَالِ الْمُشْرِكِينَ لَهُمْ أَوْ ظَفَرِهِمْ بِهِمْ ثَانِيَةً وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْبَعِيدِ عِنْدَمَا يَقْدُمُونَ عَلَى رَبِّهِمْ فِي الْآخِرَةِ، فَاعْرِضْ هَذَا عَلَى الْآيَاتِ الْآتِيَةِ إِلَى قَوْلِهِ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ ضَمِيرُ يَسْتَبْشِرُونَ إِمَّا لِلشُّهَدَاءِ وَإِمَّا لِلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا


الصفحة التالية
Icon