شرط واحد لا بد أن يتحقق.. أن تسلم الجماعات البشرية قيادها لهذا المنهج. أن تؤمن به. وأن تستسلم له. وأن تتخذه قاعدة حياتها وشعار حركتها وحادي خطاها في الطريق الشاق الطويل..
٣- وحقيقة ثالثة تمخضت عنها المعركة والتعقيب عليها.. حقيقة الارتباط الوثيق في منهج الله بين واقع النفس المسلمة والجماعة المسلمة وبين كل معركة تخوضها مع أعدائها في أي ميدان. الارتباط بين العقيدة والتصور والخلق والسلوك والتنظيم السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. وبين النصر أو الهزيمة في كل معركة.. فكل هذه عوام أساسية فيما يصيبها من نصر أو هزيمة.
والمنهج الإلهي - من ثم - يعمل في مساحة هائلة في النفس الإنسانية وفي الحياة البشرية. مساحة متداخلة الساحات والنقط والخطوط والخيوط متكاملة في الوقت ذاته وشاملة. والخطة يصيبها الخلل والفشل حين يختل الترابط والتناسق بين هذه الساحات كلها والنقط والخطوط والخيوط.. وهذه ميزة ذلك المنهج الكلي الشامل الذي يأخذ الحياة جملة ولا يأخذها مزقاً وتفاريق. والذي يتناول النفس والحياة من أقطارها جميعاً ويلم خيوطها المتشابكة المتباعدة في قبضته فيحركها كلها حركة واحدة متناسقة لا تصيب النفس بالفصام ولا تصيب الحياة بالتمزق والانقسام.
ومن نماذج هذا التجميع وهذه الارتباطات المتداخلة الكثيرة حديثه - في التعقيب القرآني - عن الخطيئة وأثرها في النصر والهزيمة. فهو يقرر أن الهزيمة كانت موصولة بالشيطان الذي استغل ضعف الذين تولوا بسبب مما كسبوا :﴿ إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ﴾.. كما يقرر أن الذين قاتلوا مع الأنبياء ووفوا - وهم النموذج الذي يطلب إلى المؤمنين الاقتداء به - بدأوا المعركة بالاستغفار من الذنوب :


الصفحة التالية
Icon