وقال الفقيه السمرقندى ـ رحمه الله ـ :
قوله تعالى :﴿ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السموات والأرض ﴾ يعني إذا هلك الخلق كلهم أهل السموات من الملائكة، وأهل الأرض من الإنس والجن وسائر الخلق، ويبقى رب العالمين ثم يقول :﴿ يَوْمَ هُم بارزون لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَىْءٌ لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار ﴾ [ غافر : ١٦ ].
فلا يجيب أحد فيرد على نفسه فيقول :﴿لله الواحد القهار ﴾ [ غافر : ١٦ ] فذلك قوله تعالى :﴿ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السموات والأرض ﴾ يعني يهلك أهل السموات والأرض ولم يبق لأحد ملك.
وإنما سمي ميراثاً على وجه المجاز، لأن القرآن بلغة العرب، وكانوا يعرفون أن من رجع الملك إليه يكون ميراثاً على وجه المجاز، وأما في الحقيقة فليس بميراث، لأن الوارث في الحقيقة هو الذي يرث شيئاً لم يكن يملكه من قبل، والله عز وجل مالكهما، وكانت السموات وما فيها والأرض وما فيها له، وإنما كانت الأموال عارية عند أربابها، فإذا ماتوا رجعت العارية إلى صاحبها الذي كانت له في الأصل.
ومعنى الآية أن الله تعالى أمر عباده أن ينفقوا ولا يبخلوا، قبل أن يموتوا ويتركوا المال ميراث الله لله تعالى، ولا ينفعهم إلا ما أنفقوا. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ٢٩٤﴾
وقال ابن عطية :
وقوله تعالى :﴿ ولله ميراث السماوات ﴾ خطاب على ما يفعله البشر دال على فناء الجميع وأنه لا يبقى مالك إلى الله تعالى وإن كان ملكه تعالى على كل شيء لم يزل. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٥٤٧﴾
سؤال : فإن قال قائل : فما معنى قوله :"له ميراث السموات والأرض"، و"الميراث" المعروف، هو ما انتقل من ملك مالك إلى وارثه بموته، ولله الدنيا قبل فناء خلقه وبعده ؟