وأنت تعلم أن دعوى أن الاستدراك صريح فيما ادعاه من المراد مما لا يكاد يثبته الدليل، ولهذا قيل : إن حاصل المعنى ليس لكم رتبة الاطلاع على الغيب وإنما لكم رتبة العلم الاستدلالي الحاصل من نصب العلامات والأدلة، والله تعالى سيمنحكم بذلك فلا تطمعوا في غيره فإن رتبة الاطلاع على الغيب لمن شاء من رسله، وأين أنتم من أولئك المصطفين الأخيار ؟ نعم ما ذكره هذا المولى أظهر وأولى، وقد سبقه إليه أبو حيان، والمراد من قوله سبحانه :﴿ لِيُطْلِعَكُمْ ﴾ إما ليؤتي أحدكم علم الغيب فيطلع على ما في القلوب أو ليطلع جميعكم أي أنه تعالى لا يطلع جميعكم على ذلك بل يختص به من أراد، وأيد الأول بأن سبب النزول أكثر ملاءمة له.
فقد أخرج ابن جرير عن السدي أن الكفرة قالوا إن كان محمد صادقاً فليخبرنا من يؤمن منا ومن يكفر فنزلت.