وقيل : إنها للتبعيض فإن الاطلاع على المغيبات مختص ببعض الرسل، وفي بعض الأوقات حسبما تقتضيه مشيئته تعالى ولا يخفى أن كون ذلك في بعض الأوقات مسلم، وأما كونه مختصاً ببعض الرسل ففي القلب منه شيء.
ولعل الصواب خلافه ولا يشكل على هذا أن الله تعالى قد يطلع على الغيب بعض أهل الكشف ذوي الأنفس القدسية لأن ذلك بطريق الوراثة لا استقلالاً وهم يقولون : إن المختص بالرسل عليهم السلام هو الثاني على أنه إذا كان المراد ما أيده السوق بعد هذا الاستشكال وإظهار الاسم الجليل في الموضعين لتربية المهابة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٣٧ ـ ١٣٨﴾
قوله تعالى ﴿فآمنوا بالله ورسله﴾
قال الفخر :
المقصود أن المنافقين طعنوا في نبوة محمد ﷺ بوقوع الحوادث المكروهة في قصة أحد، فبين الله تعالى أنه كان فيها مصالح.
منها تمييز الخبيث من الطيب، فلما أجاب عن هذه الشبهة التي ذكرتموها قال :﴿فآمنوا بالله ورسله﴾ يعني لما دلت الدلائل على نبوته وهذه الشبهة التي ذكرتموها في الطعن في نبوته فقد أجبنا عنها، فلم يبق إلا أن تؤمنوا بالله ورسله، وإنما قال :﴿وَرُسُلِهِ﴾ ولم يقل : ورسوله لدقيقة، وهي أن الطريق الذي به يتوصل إلى الاقرار بنبوة أحد من الأنبياء عليهم السلام ليس إلا المعجز وهو حاصل في حق محمد ﷺ، فوجب الاقرار بنبوة كل واحد من الأنبياء، فلهذه الدقيقة قال :﴿وَرُسُلِهِ﴾ والمقصود التنبيه على أن طريق إثبات نبوة جميع الأنبياء واحد، فمن أقر بنبوة واحد منهم لزمه الاقرار بنبوة الكل، ولما أمرهم بذلك قرن به الوعد بالثواب فقال :﴿وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾، وهو ظاهر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٩١﴾


الصفحة التالية
Icon