ولما كانت مدتهم لم تستغرق الزمان الماضي أثبت الجار فقال ﴿من قبلي﴾ كزكريا وابنه يحيى وعيسى عليه السلام ﴿بالبينات﴾ أي من المعجزات ﴿وبالذي قلتم﴾ أي من القربان فإن الغنائم لم تحل - كما في الصحيح - لأحد كان قبلنا، فلم تحل لعيسى عليه السلام فلم تكن مما نسخه من أحكام التوراة، وقد كانت تجمع فتنزل نار من السماء فتأكلها إلا إن وقع فيها غلول ﴿فلم قتلتموهم﴾ أي قتَلَهم أسلافكم ورضيتم أنتم بذلك فشاركتموهم فيه ﴿إن كنتم صادقين﴾ أي في أنكم تؤمنون لمن أتاكم على الوجه الذي ذكرتموه، وفي ذلك رد على الفريقين : اليهود المدعين أنهم قتلوه الزاعمين أنه عهد إليهم في الإيمان بمن أتاهم بذلك، والنصارى المسلمين لما ادعى اليهود من قتله المستلزم لكونه ليس بإله. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٩٠﴾
وقال الفخر :
اعلم أن هذه هي الشبهة الثانية للكفار في الطعن في نبوته ﷺ، وتقريرها أنهم قالوا : إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار، وأنت يا محمد ما فعلت ذلك فوجب أن لا تكون من الأنبياء، فهذا بيان وجه النظم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٩٨﴾