وفي الحديث :" ما من الأنبياء نبيء إلاّ أوتي من الآيات ما مثله آمَن عليه البشر، وإنّما كان الذي أوتيتُ وحْياً أوحى الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرَهم تابعاً يوم القيامة " فقال الله تعالى لنبيّه :﴿ قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم ﴾.
وهذا الضرب من الجدل مبنيّ على التسليم، أي إذا سلّمنا ذلك فليس امتناعكم من اتّباع الإسلام لأجل انتظار هذه المعجزة فإنّكم قد كذّبتم الرسل الذين جاؤوكم بها وقتلتموهم، ولا يخفي أنّ التسليم يأتي على مذهب الخصم إذ لا شكّ أنّ بني إسرائيل قتلوا أنبياء منهم بعد أن آمنوا بهم، مثل زكرياء ويحيى وأشعياء وأرمياء، فالإيمان بهم أوّل الأمر يستلزم أنهم جاؤوا بالقُربان تأكله النار على قولهم، وقتلهم آخراً يستلزم أنّ عدم الثبات على الإيمان بالأنبياء شنشنة قديمة في اليهود وأنّهم إنّما يتّبعون أهواءهم، فلا عجب أن يأتي خلَفُهم بمثل ما أتى به سلفهم.
وقوله :﴿ إن كنتم صادقين ﴾ ظاهر في أنّ ما زعموه من العهد لهم بذلك كذب ومعاذير باطلة.
وإنّما قال :﴿ وبالذي قلتم ﴾ عُدل إلى الموصول للاختصار وتسجيلاً عليهم في نسبة ذلك لهم ونظيره قوله تعالى :﴿ وقال لأوتينّ مالاً وولَداً إلى قوله : ونرثه ما يقول ﴾ [ مريم : ٧٧، ٨٠ ] أي نرث ماله وولده. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٩٩﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
يجوز في محل " الذِينَ " الألقاب الثلاثة، فالجَرّ من ثلاثة أوجهٍ :
الأول : أنه صفة للفريق المخصوصين بإضافة " قَوْلَ " إليه - في قوله :" قول الذين قالوا ".
الثاني : أنه بدل منه.
الثالث : أنه صفة لـ " الْعَبِيد " أي : ليس بظلاَّم للعبيد الذين قالوا كيتَ وكيتَ، قاله الزَّجَّاجُ قال ابنُ عطيَّة :" وهذا مفسد للمعنى والوصف ".


الصفحة التالية
Icon