وبما أن القبول سر من أسرار الله إذن فلن نعرف علامة القبول إلا إذا كانت شيئاً مُحساً، بدليل قوله :﴿ فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ ﴾. وقال الذي لم يتقبل الله قربانه :﴿ لأَقْتُلَنَّكَ ﴾ كأن الذي قبل الله قربانه قد عرف، والذي لم يتقبل الله قربانه قد عرف أيضاً، إذن فلا بد أن هناك أمراً حسياً قد حدث.
وقلنا : إن الله كان يخاطب خلقه على قدر رشد عقولهم حساً ومعنى ؛ ولذلك كانت معجزاته سبحانه وتعالى للأنبياء السابقين لرسول الله هي من الأمور المُحسة. فالمعجزة التي آتاها الله لإبراهيم كانت نارا لا تحرق، وعصا سيدنا موسى تنقلب حية، وسيدنا عيسى عليه السلام يبرئ الأكمه والأبرص ويُحيي الموتى بإذن الله. والمعجزة الحسية لها ميزة أنها تقنع الحواس، ولكنها تنتهي بعد أن تقع لمرة واحدة. لكن المعجزة العقلية التي تناسب رشد الإنسانية، هي المعجزة الباقية، وحتى تظل معجزة باقية فلا يمكن أن تكون حسية.
إذن فعندما تأتي معجزة خالدة لرسول هو خاتم الرسل، والذي سوف تقوم القيامة على المنهج الذي جاء به، هذه المعجزة لا بد أن تكون ذات أمد ممتدّ، والامتداد يناقض الحسيّة ؛ لأن الحسّية تظل محصورة فيمن رآها، والذي لم يرها لا يقولها ولا يؤمن بها إلا إذا كان على ثقة عظيمة بمن أخبره بها. وابنا آدم، قابيل وهابيل قرّب كل منهما قربانا.
و" قُربان " مثلها في اللغة مثل " غفران " و " عُدوان " والقُربان هو شيء أو عمل يتقرب به العبد من الله.