والمقصود من هذا الكلام تسلية رسول الله ﷺ، وبيان أن هذا التكذيب ليس أمرا مختصا به من بين سائر الأنبياء، بل شأن جميع الكفار تكذيب جميع الأنبياء والطعن فيهم، مع أن حالهم في ظهور المعجزات عليهم وفي نزول الكتب إليهم كحالك، ومع هذا فإنهم صبروا على ما نالهم من أولئك الأمم واحتملوا إيذاءهم في جنب تأدية الرسالة، فكن متأسيا بهم سالكا مثل طريقتهم في هذا المعنى، وإنما صار ذلك تسلية لأن المصيبة إذا عمت طابت وخفت، فأما البينات فهي الحجج والمعجزات، وأما الزبر فهي الكتب، وهي جمع زبور، والزبور الكتاب، بمعنى المزبور أي المكتوب، يقال : زبرت الكتاب أي كتبته، وكل كتاب زبور.
قال الزجاج : الزبور كل كتاب ذي حكمة، وعلى هذا : الأشبه أن يكون معنى الزبور من الزبر الذي هو الزجر، يقال : زبرت الرجل إذا زجرته عن الباطل، وسمي الكتاب زبوراً لما فيه من الزبر عن خلاف الحق، وبه سمي زبور داود لكثرة ما فيه من الزواجر والمواعظ.
وقرأ ابن عباس ﴿وبالزبر﴾ أعاد الباء للتأكيد وأما "المنير" فهو من قولك أنرت الشيء أي أوضحته. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٠٠ ـ ١٠١﴾
فائدة
قال الفخر :
المراد من البينات المعجزات ثم عطف عليها الزبر والكتاب، وهذا يقتضي أن يقال إن معجزاتهم كانت مغايرة لكتبهم، وذلك يدل على أن أحدا من الأنبياء ما كانت كتبهم معجزة لهم، فالتوراة والإنجيل والزبور والصحف ما كان شيء منها معجزة، وأما القرآن فهو وحده كتاب ومعجزة، وهذا أحد خواص الرسول عليه الصلاة والسلام. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٠١﴾


الصفحة التالية
Icon