أخرج ابن أبي حاتم عن السدي أنه القرآن، ومعنى مجيء الرسل به مجيئهم بما اشتمل عليه من أصول الدين على ما يشير إليه قوله تعالى فيه :﴿ وَإِنَّهُ لَفِى زُبُرِ الاولين ﴾ [ الشعراء : ١٩٦ ] على وجه، وعن قتادة أن المراد به الزبر والشيء يضاعف بالاعتبار وهو واحد، وقيل : المراد به التوراة والإنجيل والزبور وهو في عرف القرآن ما يتضمن الشرائع والأحكام ولذلك جاء هو والحكمة متعاطفين في عامة المواقع، ووجه إفراد الكتاب بناءاً على القول الأول ظاهر، ولعل وجه إفراده بناءاً على القول الثاني والثالث، وإن أريد منه الجنس الصادق بالواحد والمتعدد الرمز إلى أن الكتب السماوية وإن تعدّدت فهي من بعض الحيثيات كشيء واحد.
وقرأ ابن عامر وبالزبر بإعادة الجار للدلالة على أنها مغايرة للبينات بالذات بأن يراد بها المعجزات غير الكتب لأن إعادة العامل تقتضي المغايرة ولولاها لجاز أن يكون من عطف الخاص على العام.
ومن الغريب القول بأن المراد بالبينات الحروف باعتبار أسمائها كألف ولام، وبالزبر الحروف باعتبار مسمياتها ورسمها كأب، وبالكتاب الحروف المجتمعة المتلفظ بها كلمة وكلاماً.
وادعى أهل هذا القول : أن لكل من ذلك معاني وأسراراً لا يعقلها إلا العالمون فهم يبحثون عن الكلمة باعتبار لفظها وباعتبار كل حرف من حروفها المرسومة وباعتبار اسم كل حرف منها الذي هو عبارة عن ثلاثة حروف، ولا يخفى أن هذا اصطلاح لا ينبغي تخريج كلام الله تعالى عليه.
والظاهر من تتبع الآثار الصحيحة أنه لم يثبت فيه عن الشارع الأعظم ﷺ شيء ودون إثبات ذلك الموت الأحمر. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٤٤ ـ ١٤٥﴾


الصفحة التالية
Icon