" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ ﴾ ليس جواباً، بل الجوابُ محذوف، أي : فقل، ونحوه ؛ لأن هذا قد مضَى وتحقَّق، والجملة من " جَاءُوا " في محل رفع، صفة لِـ " رُسُلٌ " و" مِنْ قَبْلِكَ " متعلق بـ " كُذِّبَ " والباء في " بِالبَيِّنَاتِ " تحتمل الوجهين، كنظيرتها.
ومعنى الآية : فإن كذبوك في قولك : إنَّ الأنبياء المتقدمين أتَوْا بالقُرْبان.
ويحتمل أن يكون المعنى : فإن كذبوك في أصل النبوة - وهو أولى - والمرادُ بالبيناتِ المعجزاتِ.
وقرأ الجمهورُ :" وَالزبر والكتاب " - من غير باء الجر - وقرأ ابنُ عامر " وَبِالزُّبُرِ " - بإعادتها - وهشام وحده عنه " وَبِالكِتَابِ " - بإعادتها أيضاً - وهي في مصاحف الشاميين كقراءة ابنِ عامر، فَمَنْ لم يأتِ بها اكتفى بالعطفِ، ومن أتى بها كان ذلك تأكيداً.
والزُّبر : جمع زَبُور - بالفتح - ويقال : بالضم أيضاً - وهل هما بمعنىً واحد أو مختلفان ؟ سيأتي الكلام عليهما - إن شاء الله تعالى - في النساء في قوله :﴿ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً ﴾ [ النساء : ١٦٣ ]. واشتقاقه من زَبَرْتُ : أي : كتبتُ وزَبَرْته : قرأتهُ، وَزَبرْته : حسَّنت كتابتَه، وزَبَرْته : زَجَرته. فزبور - بالفتح - فَعُول بمعنى مفعول - كالركوب بمعنى : المركوب - والحلوب - بمعنى المحلوب - والمعنى : الكُتُب المزبورة، أي : المكتوبة، والزُّبُر : جمع زبور، وهو الكتاب.
قال امرؤ القيس :[ الطويل ]
لمَنْ طَلَلٌ أبصَرْتُهُ فَشَجانِي... كَخَطِّ زَبُورٍ في عَسِيبِ يَمَانِي
وقيل : اشتقاق من الزَّبْر - بمعنى : الزجر : تقول : زبرت الرجل : أي : نهرته. وزبرت البئر : أي : طويتها بالحجارة.
فإن قيل : لِمَ عطف " الْكِتَابِ المُنِيرِ " على " الزُّبُرِ " مع أن الكتاب المنير من الزُّبُر ؟


الصفحة التالية
Icon