وأفرح بالغني إن زاد مالي
ولا ابكي على نقصان عمري
ما أحسن حال من ذكر الموت فعمل لخلاصه قبل الفوت وأشغل نفسه بخدمة مولاه وقدم من دنياه لأخراه ورغب في دار لا يزول نعيمها ولا يهان كريمها
وأنشدوا
الموت لا شك آت فاستعد له
إن اللبيب بذكر الموت مشغول
فكيف يلهو بعيش أو يلذ به
من التراب على عينيه مجعول
روي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله أي المؤمنين أكيس قال أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم له استعدادا
٥٠ حكاية عن الربيع
وقيل للربيع رحمه الله ألا تجلس معنا نتحدث فقال إن ذكر الموت إذا فارق قلبي ساعة فسد على قلبي
وأنشدوا
ما أغفل الناس عن وعيد
قربه الليل والنهار
والعار ما جرت المعاصي
وليس في النائبات عار
ويحك ما تصنع المنايا
تأتي فتخلى لها الديار
فلا قلوب لها عيون
ولا عيون لها اعتبار
عباد الله اسعوا في فكاك رقابكم وأجهدوا أنفسكم في خلاصها قبل أن تزهق فوالله ما بين أحدكم وبين الندم والعلم بأنه قد زلت به القدم إلا أن يحوم عقاب المنية عليه ويفوق سهامها إليه فإذا الندم لا ينفع وإذا العذر لا يصنع وإذا النصير لا يدفع وإذا الشفيع لا يشفع وإذا الذي فات لا يسترجع وإذا البائس المحابي به في النجاة لا يطمع
فكأني بك يا أخي وقد صرخ عليك النسوان وبكى عليك الأهل والإخوان وفقدك الولدان ونفخ لفرقتك الجيران ونادى عليك المنادي قد مات فلان بن فلان
ثم نقلت عن الأحباب وحملت إلى أرماس التراب وأضجعوك في محل ضنك قصير السمك مهول منظره كثير وعره مغشى بالوحشة
عرفته مهول الصريح مطبق الصفيح على غير مهاد ولا وداد ولا مقدمة زاد ولا استعداد
وأنشدوا
المرء يخدعه مناه
والدهر يسرع في بلاه
يا ذا الشبية لا تكن
ممن تعبده هواه
واعلم بأن المرء مرتهن
بما كسبت يداه
والناس في غفلاتهم
والموت دائرة رحاه
} الحمد لله الذي
يبقى ويهلك ما سواه. أ هـ ﴿بستان الواعظين صـ ١٤٣ ـ ١٤٥﴾