الوجه الثاني في التأويل : أن يكون المراد من الصبر والتقوى : الصبر على مجاهدة الكفار ومنابذتهم والانكار عليهم، فأمروا بالصبر على مشاق الجهاد، والجري على نهج أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الإنكار على اليهود والاتقاء عن المداهنة مع الكفار، والسكوت عن إظهار الإنكار. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٠٤ ـ ١٠٥﴾
قال الآلوسى :
﴿ وَإن تَصْبِرُواْ ﴾ على تلك الشدائد عند ورودها ﴿ وَتَتَّقُواْ ﴾ أي تتمسكوا بتقوى الله تعالى وطاعته والتبتل إليه بالكلية والإعراض عما سواه بالمرة بحيث يستوي عندكم وصول المحبوب ولقاء المكروه ﴿ فَإِنَّ ذلك ﴾ إشارة إلى المذكور ضمناً من الصبر والتقوى.
وما فيه من معنى البعد إما لكونه غير مذكور صريحاً على ما قيل، أو للإيذان بعلو درجة هذين الأمرين وبعد منزلتهما.
وتوحيد حرف الخطاب إما باعتبار كل واحد من المخاطبين اعتناءاً بشأن المخاطب به، وإما لأن المراد بالخطاب مجرد التنبيه من غير ( ملاحظة ) خصوصية أحوال المخاطبين. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٤٨﴾

فصل


قال الفخر :
الصبر عبارة عن احتمال المكروه، والتقوى عبارة عن الاحتراز عما لا ينبغي فقدم ذكر الصبر ثم ذكر عقبه التقوى، لأن الإنسان إنما يقدم على الصبر لأجل أنه يريد الاتقاء عما لا ينبغي، وفيه وجه آخر : وهو أن المراد من الصبر هو أن مقابلة الاساءة بالاساءة تفضي إلى ازدياد الإساءة، فأمر بالصبر تقليلا لمضار الدنيا، وأمر بالتقوى تقليلا لمضار الآخرة، فكانت الآية على هذا التأويل جامعة لآداب الدنيا والآخرة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٠٥﴾


الصفحة التالية
Icon