فإذا استنار قلت حاجته إلى ذلك، وكان الإكثار من الأدلة كالحجاب الشاغل له عن استغراق القلب في لجج المعرفة، واقتصر هنا من آثار الخلق على السماوية لأناه أقهر وأبهر والعجائب فيها أكثر، وانتقال القلب منها إلى عظمته سبحانه وتعالى وكبريائه أشد وأسرع، وختم تلك بما هو لأول السلوك : العقل، وختم هذه بلبه لأنها لمن تخلص من وساوس الشيطان وشوائب هواجس الوهم المانعة من الوصول إلى حق اليقين بل علم اليقين. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٩٦ ـ ١٩٧﴾
وقال ابن عاشور :
هذا غرض أُنف بالنسبة لما تتابع من أغراض السورة، انتُقل به من المقدّمات والمقصد والمتخلِّلات بالمناسبات، إلى غرض جديد هو الاعتبار بخلق العوالم وأعراضها والتنويه بالذين يعتبرون بما فيها من آيات.
ومِثْل هذا الانتقال يكون إيذاناً بانتهاء الكلام على أغراض السورة، على تفنّنها، فقد كان التنقّل فيها من الغرض إلى مشاكله وقد وقع الانتقال الآن إلى غرض عامّ : وهو الاعتبار بخلق السماوات والأرض وحال المؤمنين في الاتّعاظ بذلك، وهذا النحو في الانتقال يعرض للخطيب ونحوه من أغراضه عقب إيفائها حقّها إلى غرض آخر إيذاناً بأنّه أشرف على الانتهاء، وشأن القرآن أن يختم بالموعظة لأنّها أهمّ أغراض الرسالة، كما وقع في ختام سورة البقرة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٣٠٧﴾