وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن مسعود في الآية أنه قال : إنما هذا في الصلاة إذا لم تستطع قائماً فقاعداً وإن لم تستطع قاعداً فعلى جنب، وكذلك أمر ﷺ عمران بن حصين، وكانت به بواسير كما أخرجه البخاري عنه وبهذا الخبر احتج الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه على أن المريض يصلي مضطجعاً على جنبه الأيمن مستقبلاً بمقادم بدنه ولا يجوز له أن يستلقي على ظهره على ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه، وجعل الآية حجة على ذلك بناءاً على أنه لما حصر أمر الذاكر في الهيئات المذكورة دل على أن غيرها ليس من هيئته والصلاة مشتملة على الذكر فلا ينبغي أن تكون على غير هيئته محل تأمل، وتخصيص ابن مسعود الذكر بالصلاة لا ينتهض حجة على أنه بعيد من سياق النظم الجليل وسباقه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٥٧ ـ ١٥٨﴾

فصل


قال الفخر :
للمفسرين في هذه الآية قولان :
الأول : أن يكون المراد منه كون الإنسان دائم الذكر لربه، فإن الأحوال ليست إلا هذه الثلاثة، ثم لما وصفهم بكونهم ذاكرين فيها كان ذلك دليلا على كونهم مواظبين على الذكر غير فاترين عنه ألبتة.
والقول الثاني : أن المراد من الذكر الصلاة، والمعنى أنهم يصلون في حال القيام، فإن عجزوا ففي حال القعود، فإن عجزوا ففي حال الاضطجاع، والمعنى أنهم لا يتركون الصلاة في شيء من الأحوال، والحمل على الأول أولى لأن الآيات الكثيرة ناطقة بفضيلة الذكر، وقال عليه الصلاة والسلام :" من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١١٠ ـ ١١١﴾
قال ابن عاشور :
وقيل : أراد أحوال المصلّين : من قادر، وعاجز، وشديد العجز.
وسياق الآية بعيد عن هذا المعنى. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٣٠٨﴾


الصفحة التالية
Icon