ثم أزالوا ما ربما يظن من ميلهم إلى ربوة الإعجاب بقولهم تصريحاً بما أفهمه التأكيد لمن علمه محيط :﴿ربنا فاغفر لنا ذنوبنا﴾ أي التي أسلفناها قبل الإيمان بأن تقبل منا الإيمان فلا تزيغ قلوبنا، فيكون جابّاً لما قبله عندك كما كان جابّاً له في ظاهر الشرع، وكذا ما فرط منا بعد الإيمان ولو كان بغير توبة، وإليه الإشارة بقولهم :﴿وكفر عنا سيآتنا﴾ أي بأن توفقنا بعد تشريفك لنا بالإيمان لاجتناب الكبائر بفعل الطاعات المكفرة للصغائر ﴿وتوفنا مع الأبرار﴾ أي ليس لنا سيئات. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ١٩٨ ـ ١٩٩﴾
وقال الآلوسى :
﴿ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِى للإيمان ﴾ على معنى القول أيضاً، وهو كما قال شيخ الإسلام : حكاية لدعاء آخر مبني على تأملهم في الدليل السمعي بعد حكاية دعائهم السابق المبني على تفكرهم في الأدلة القطعية، ولا يخفى أن ذلك التفكر مستدع في الجملة لهذا القول، وفي تصدير مقدمة الدعاء بالنداء إشارة إلى كمال توجههم إلى مولاهم وعدم غفلتهم عنه مع إظهار كمال الضراعة والابتهال إلى معوّد الإحسان والإفضال، وفي التأكيد إيذان بصدور ذلك عنهم بوفور الرغبة ومزيد العناية وكمال النشاط. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٦٣﴾