وقال الآلوسى :
﴿ رَبَّنَا ﴾ تكرير كما قيل للتضرع وإظهار لكمال الخضوع وعرض للاعتراف بربوبيته تعالى مع الإيمان به ﴿ فاغفر لَنَا ﴾ مرتب على الإيمان به تعالى والإقرار بربوبيته كما تدل عليه الفاء أي فاستر لنا ﴿ ذُنُوبَنَا ﴾ أي كبائرنا ﴿ وَكَفّرْ عَنَّا سيئاتنا ﴾ أي صغائرنا، وقيل : المراد من الذنوب ما تقدم من المعاصي، ومن السيئآت ما تأخر منها، وقيل : الأول ما أتى به الإنسان مع العلم بكونه معصية، والثاني ما أتى به من الجهل بذلك، والأول هو التفسير المؤثور عن ابن عباس.
وأيد بأنه المناسب للغة لأن الذنب مأخوذ من الذنب بمعنى الذيل، فاستعمل فيما تستوخم عاقبته وهو الكبيرة لما يعقبها من الإثم العظيم، ولذلك تسمى تبعة اعتباراً بما يتبعها من العقاب كما صرح به الراغب، وأما السيئة فمن السوء وهو المستقبح ولذلك تقابل بالحسنة فتكون أخف، وتأييده بأن الغفران مختص بفعل الله تعالى والتكفير قد يستعمل في فعل العبد كما يقال : كفّر عن يمينه وهو يقتضي أن يكون الثاني أخف من الأول على تحمل ما فيه إنما يقتضي مجرد الأخفية.
وأما كون الأول الكبائر والثاني الصغائر بالمعنى المراد فلا يجوز يراد بالأول والثاني ما ذكر في القول الثالث، فإن الأخفية وعدمها فيه مما لا سترة عليه كما لا يخفى، ثم المفهوم من كثير من عبارات اللغويين عدم الفرق بين الغفران والتكفير بل صرح بعضهم بأن معناهما واحد.