وقال الآلوسى :
﴿ وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبرار ﴾ أي مخصوصين بالانخراط في سلكهم والعدّ من زمرتهم ولا مجال لكون المعية زمانية إذ منهم من مات قبل، ومن يموت بَعْدُ، وفي طلبهم التوفي وإسنادهم له إلى الله تعالى إشعار بأنهم يحبون لقاء الله تعالى ومن أحب لقاء الله تعالى أحب الله تعالى لقاءه.
ونكتة قولهم ﴿ مَعَ الأبرار ﴾ دون أبراراً التذلل، وأن المراد لسنا بأبرار فاسلكنا معهم واجعلنا من أتباعهم، وفي "الكشف" إن في ذلك هضماً للنفس وحسن أدب مع إدماج مبالغة لأنه من باب وهو من العلماء بدل عالم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٦٥﴾. بتصرف يسير.
فصل
قال الفخر :
احتج أصحابنا على حصول العفو بدون التوبة بهذه الآية أعني قوله تعالى حكاية عنهم :﴿فاغفر لَنَا ذُنُوبَنَا﴾ والاستدلال به من وجهين :
الأول : أنهم طلبوا غفران الذنوب ولم يكن للتوبة فيه ذكر، فدل على أنهم طلبوا المغفرة مطلقا، ثم إن الله تعالى أجابهم إليه لأنه قال في آخر الآية :﴿فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾ [ آل عمران : ١٩٥ ] وهذا صريح في أنه تعالى قد يعفو عن الذنب وان لم توجد التوبة.
والثاني : وهو أنه تعالى حكى عنهم أنهم لما أخبروا عن أنفسهم بأنهم آمنوا، فعند هذا قالوا : فاغفر لنا ذنوبنا، والفاء في قوله :﴿فاغفر﴾ فاء الجزاء وهذا يدل على أن مجرد الإيمان سبب لحسن طلب المغفرة من الله، ثم إن الله تعالى أجابهم إليه بقوله :﴿فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ﴾ فدلت هذه الآية على أن مجرد الإيمان سبب لحصول الغفران، إما من الابتداء وهو بأن يعفو عنهم ولا يدخلهم النار أو بأن يدخلهم النار ويعذبهم مدة ثم يعفو عنهم ويخرجهم من النار، فثبت دلالة هذه الآية من هذين الوجهين على حصول العفو. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١١٩﴾