إلا أن أبا حيّان اعترض عليه، فقال " وقوله : ولولا الوصفُ أو الحالُ... إلى آخره، ليس كذلك، بل لا يكونُ وَصْفٌ ولا حالٌ، ويدخل " سَمِعَ " على ذات على مسموع، وذلك إذا كان في الكلام ما يُشْعِر بالمسموع - وإن لم يكن وَصْفاً ولا حالاً - ومنه قوله تعالى :﴿ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ﴾ [ الشعراء : ٧٢ ] فأغنى ذكر طرف الدعاء عن ذكر المسموع ".
وأجاز أبو البقاء في " يُنَادِي " أن تكون في محل نَصْبٍ على الحال من الضمير المستكن في " مُنَادِياً ". فإن قيل : ما الفائدة في الجمع بين " مُنَادِياً " و" يُنَادِي " ؟
فأجاب الزمخشريُّ بأنه ذَكَر النداء مطلقاً، ثم مقيَّداً بالإيمانِ، تفخيماً لشأن المُنَادِي ؛ لأنه لا مناديَ أعظمُ من منادٍ ينادي للإيمان، ونحوه قولك : مررت بهادٍ يهدي للإسلام، وذلك أن المنادِيَ إذا أطلق ذهب الوَهم إلى منادٍ للحرب، أو لإطفاء الثائرة، أو لإغاثة المكروبِ، أو لكفاية بعض النوازلِ، أو لبعض المنافعِ وكذلكَ الهادي يُطلق على مَنْ يهدي للطريق، ويهدي لسدادِ الرأي، وغير ذلك فإذا قُلْتَ : ينادي للإيمان، ويهدي للإسلام فقد رَفَعْتَ من شأن المنادِي والهادي وفخّمته.
وأجاب أبو البقاء بثلاثة أجوبةٍ :
أحدها : التوكيد، نحو : قُم قَائِماً.
الثاني : أنه وصل به ما حسَّن التكرير، وهو الإيمان.
الثالث : أنه لو اقتصر على الاسم لجاز أن يكون " سَمِعَ " مقروناً بالنداء بذكر ما ليس بنداءٍ، فلمَّا قال :" يُنَادي " محذوفٌ، أي : ينادي في الناس، وبجوز ألا يُرادَ مفعول، نحو : أمات وأحيا.
ونادى ودعا يتعديان باللام تارةٌ، وب " إلى " أخرى، وكذلك نَدَبَ.


الصفحة التالية
Icon