قال الشاعرُ :[ الكامل ]
....................... فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ ظَلاَمُهَا
فالمغفرة والتكفير - بحسب اللغة - معناهما شيء واحد، وأما المفسرون فقال بعضهم : المرادُ بهما شيءٌ واحدٌ، وإنما أعيد ذلك للتأكيد ؛ لأن الإلحاحَ والمبالغة في الدعاء أمرٌ مطلوبٌ.
وقيل : المرادُ بالأول ما تقدم من الذنوب، وبالثاني المستأنفُ.
وقيل : المرادُ بالغُفْران ما يزول بالتوبة، وبالتكفير ما تكفِّره الطاعةُ العظيمةُ.
وقيل : المرادُ بالأولِ : ما أتى به الإنسانُ مع العلمِ بكونهِ معصية، وبالثاني ما أتى به مع الجَهْل.
ثالثها : قوله :﴿ وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبرار ﴾ أي : توفَّنا معدودين في صُحْبَتِهم، فيكون الظرفُ متعلِّقاً بما قَبْلهُ، وقيل : تُجَوَّزَ به عن الزمان ويجوز أن يكون حالاً من المفعول، فيتعلق بمحذوف.
وأجازَ مَكِّيٍّ، وأبو البقاءِ : أن يكون صفة لموصوف محذوف، أي : أبراراً مع الأبرارِ، كقوله :[ الوافر ]
كأنَّكَ مِنْ جِمَالِ بَنِي أقَيْشٍ... يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنّ
أي : كأنك جمل من جمال.
قال أبو البقاء :" [ تقديره ] أبراراً مع الأبرار، وأبراراً - على هذا - حالٌ ". والأبرار يجوز أن يكونَ جمع بارّ - كصاحب وأصحاب، ويجوز أن يكون جمع بَرٍّ، بزنة : كَتِف وأكتاف، ورَبّ وأرْبَاب. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٦ صـ ١١٩ ـ ١٢١﴾. بتصرف.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (١٩٣)﴾
يعني أَجَبْنَا الداعي ولكن أنت الهادي، فلا تَكِلْنَا إلينا، ولا ترفع ظلَّ عنايتك عَنَّا.
والإيمان الدخول في مُوجِبات الأَمَان، وإنما يؤمِن بالحق من أَمَّنَه الحق، فأَمَانُ الحق للعبد - الذي هو إجارته - يوجِب إيمانَ العبدِ بالحق الذي هو تصديقه ومعرفته.
﴿ وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ ﴾ : وهم المختصون بحقائق التوحيد، القائمون لله بشرائط التفريد، والواقفون مع الله بخصائص التجريد. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٣٠٦ ـ ٣٠٧﴾