وقال ابن عطية : إشارة إلى قوله تعالى :﴿ يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه ﴾ فهذا وعده تعالى، وهو دال على أنّ الخزي إنما هو مع الخلود انتهى.
وانظر إلى حسن محاورة هؤلاء الذاكرين المتفكرين، فإنهم خاطبوا الله تعالى بلفظة ربنا، وهي إشارة إلى أنه ربهم أصلحهم وهيأهم للعباد، فأخبروا أولاً بنتيجة الفكر وهو قولهم :﴿ ربنا ما خلقت هذا باطلاً ﴾ ثم سألوه أن يقيهم النار بعد تنزيهه عن النقائص.
وأخبروا عن حال من يدخل النار وهم الظالمون الذين لا يذكرون الله، ولا يتفكرون في مصنوعاته.
ثم ذكروا أيضاً ما أنتج لهم الفكر من إجابة الداعي إلى الإيمان، إذ ذاك مترتب على أنه تعالى ما خلق هذا الخلق العجيب باطلاً.
ثم سألوا غفران ذنوبهم ووفاتهم على الإيمان الذي أخبروا به في قولهم : فآمنا.
ثم سألوا الله الجنة وأنْ لا يفضحهم يوم القيامة، وذلك هو غاية ما سألوه.
وتكرر لفظ ربنا خمس مرات، كلّ ذلك على سبيل الاستعطاف وتطلب رحمة الله تعالى بندائه بهذا الاسم الشريف الدال على التربية والملك والإصلاح.
وكذلك تكرر هذا الاسم في قصة آدم ونوح وغيرهما.
وفي تكرار ربنا ربنا دلالة على جواز الإلحاح في المسألة، واعتماد كثرة الطلب من الله تعالى.
وفي الحديث :" ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام " وقال الحسن : ما زالوا يقولون ربنا ربنا حتى استجاب لهم.
وهذه مسألة أجمع عليها علماء الأمصار. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ١٤٩ ـ ١٥٠﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله تعالى :﴿ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا على رُسُلِكَ ﴾ في هذا الجارّ ثلاثة أوجهٍ :
أحدها : أنه متعلق بـ " وعدتنا ".


الصفحة التالية
Icon