وبعض المحققين جوز التعلق بكون مقيد هو حال من ( ما ) أي منزلا أو محمولاً ﴿ على رُسُلِكَ ﴾.
واعترضه أبو حيان بأن القاعدة أن متعلق الظرف إذا كان كوناً مقيداً لا يجوز حذفه وإنما يحذف إذا كان كوناً مطلقاً، وأيضاً الظرف هنا حال وهو إذا وقع حالاً أو خبراً أو صفة يتعلق بكون مطلق لا مقيد، وأجيب بمنع انحصار التعلق في كون مطلق بل يجوز التعلق به أو بمقيد، ويجوز حذفه إذا كان عليه دليل ولا يخفى متانة الجواب، وأن إنكار أبي حيان ليس بشيء إلا أن تقدير كون مقيد فيما نحن فيه تعسف مستغنى عنه.
وزعم بعضهم جواز كون ﴿ على ﴾ بمعنى مع، وأنه متعلق بآتنا ولا حذف لشيء أصلاً، والمراد آتنا مع رسلك وشاركهم معنا في أجرنا فإن الدال على الخير كفاعله، وفائدة طلب تشريكهم معهم أداء حقهم وتكثير فضيلهم ببركة مشاركتهم ولا يخفى أن هذا مما لا ينبغي تخريج كلام الله تعالى الجليل عليه، بل ولا كلام أحد من فصحاء العرب، وتكرير النداء لما مرّ غير مرة وجمع الرسل مع أن المنادى هو واحد الآحاد ﷺ وحده لما أن دعوته لا سيما على منبر التوحيد، وما أجمع عليه الكل من الشرائع منطوية على دعوة الكل فتصديقه ﷺ تصديق لهم عليهم السلام، وكذا الموعود على لسانه عليه الصلاة والسلام من الثواب موعود على لسانهم وإيثار الجمع على الأول لإظهار الرغبة في تيار فضل الله تعالى إذ من المعلوم أن الثواب على تصديق رسل أعظم من الثواب على تصديق رسول واحد، وعلى الثاني لإظهار كمال الثقة بإنجاز الموعود بناءاً على كثرة الشهود وتأخير هذا الدعاء بناءاً على ما ذكرنا في تفسير الموصول، ويكاد يكون مقطوعاً به ظاهر لأن الأمر أخروي.


الصفحة التالية
Icon