﴿ الذين يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْاْ ﴾ أي بما فعلوا وبه قرأ أبيّ، وقرىء ﴿ بِمَا أَتَوْاْ ﴾ و﴿ بِمَا أُوتُواْ ﴾ وروى الثاني عن عليّ كرم الله تعالى وجهه ﴿ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ ﴾ أي أن يحمدهم الناس ؛ وقيل : المسلمون، وقيل : رسول الله ﷺ ﴿ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ ﴾ قال ابن عباس فيما أخرجه عنه ابن أبي حاتم من طريق العوفي : هم أهل الكتاب أنزل عليهم الكتاب فحكموا بغير الحق وحرفوا الكلام عن مواضعه وفرحوا بذلك وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الصلاة والصيام، وفي رواية البخاري وغيره عنه "أن رسول الله ﷺ سألهم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه"، وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير أنهم يفرحون بكتمانهم صفة رسول الله ﷺ التي نطق بها كتابهم ويحبون أن يحمدوا بأنهم متبعون دين إبراهيم عليه السلام، فعلى هذا يكون الموصول عبارة عن المذكورين سابقاً الذين أخذ ميثاقكم، وقد وضع موضع ضميرهم، وسبقت الجملة لبيان ما يستتبع أعمالهم المحكية من العذاب إثر بيان قباحتها، وفي ذلك من التسلية أيضاً ما لا يخفى، وقد أدمج فيها بيان بعض آخر من شنائعهم وفضائحهم وهو إصرارهم على القبيح وفرحهم بذلك ومحبتهم لأن يوصفوا بما ليس فيهم من الأوصاف الجميلة، وأخرج سبحانه ذلك مخرج المعلوم إيذاناً بشهرة اتصافهم به.


الصفحة التالية
Icon