سَبَبِهِ، وَالْمُرَادِ مِنْهُ، وَلَا أَذْكُرُ أَنَّنِي رَأَيْتُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي اطَّلَعْتُ عَلَيْهَا، فَيَجِبُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إِلَى التَّارِيخِ ; أَيْ سِيرَةِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِذَا تَذَكَّرْنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ الْآخِرَةِ الَّتِي سَبَقَ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنَ الْآيَاتِ بَعْدَ الْكَلَامِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، وَغَزْوَةِ حَمْرَاءِ الْأَسَدِ - وَتَذَكَّرْنَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَتَذَكَّرْنَا مَا كَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ مِنْ حَدِيثِ الْإِفْكِ، وَقَذْفِ عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ - بَرَّأَهَا اللهُ تَعَالَى - وَمِنْ تَأَلُّبِ الْيَهُودِ، وَنَقَضِ عُهُودِهِمْ، وَمُحَاوَلَتِهِمْ قَتْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَجْلَاهُمْ، وَأَمِنَ شَرَّ مُجَاوَرَتِهِمْ إِيَّاهُ بِالْمَدِينَةِ، وَمِنْ تَأَلُّبِهِمْ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَجَمْعِ الْأَحْزَابِ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَزَحْفِهِمْ عَلَى الْمَدِينَةِ لِأَجْلِ اسْتِئْصَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْبَلَاءِ الشَّدِيدِ، وَالْجُوعِ الدَّيْقُوعِ، وَالْحِصَارِ الضَّيِّقِ الَّذِي قَالَ اللهُ فِيهِ كُلِّهِ : إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظَّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا [٣٣ : ١٠، ١١] - إِذَا تَذَكَّرْنَا هَذَا كُلَّهُ عَلِمْنَا أَنَّ الْآيَةَ تَمْهِيدٌ لَهُ، وَإِعْدَادٌ لِلْمُسْلِمِينَ لِتَلَقِّيهِ لَعَلَّ وَقْعَهُ يَخِفُّ عَلَيْهِمْ ; وَلِذَلِكَ قَالَ : وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا