قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : الصَّبْرُ هُوَ تَلَقِّي الْمَكْرُوهِ بِالِاحْتِمَالِ، وَكَظْمُ النَّفْسِ عَلَيْهِ مَعَ الرَّوِيَّةِ فِي دَفْعِهِ، وَمُقَاوَمَةِ مَا يُحْدِثُهُ مِنَ الْجَزَعِ، فَهُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ أَمْرَيْنِ : دَفْعُ الْجَزَعِ، وَمُحَاوَلَةُ طَرْدِهِ، ثُمَّ مُقَاوَمَةُ أَثَرِهِ حَتَّى لَا يَغْلِبَ عَلَى النَّفْسِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ الْإِحْسَاسِ بِأَلَمِ الْمَكْرُوهِ، فَمَنْ لَا يُحِسُّ بِهِ لَا يُسَمَّى صَابِرًا، وَإِنَّمَا هُوَ فَاقِدٌ لِلْإِحْسَاسِ يُسَمَّى بَلِيدًا، وَفَرْقٌ بَيْنَ الصَّبْرِ وَالْبَلَادَةِ، فَالصَّبْرُ وَسَطٌ بَيْنَ الْجَزَعِ وَالْبَلَادَةِ، وَمَا أَحْسَنَ قَرْنَ التَّقْوَى بِالصَّبْرِ فِي هَذِهِ الْمَوْعِظَةِ، وَهِيَ أَنْ يَمْتَثِلَ مَا هَدَى اللهُ إِلَيْهِ فِعْلًا، وَتَرْكًا عَنْ بَاعِثِ الْقَلْبِ، وَذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ; أَيِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تُعْقَدَ عَلَيْهَا الْعَزِيمَةُ، وَتَصِحَّ فِيهَا النِّيَّةُ وُجُوبًا مُحَتَّمًا لَا ضَعْفَ فِيهِ.