مَوْضِعِهِمَا. وَقَالَ الرَّازِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ فِي كَيْفِيَّةِ النَّظْمِ وَجْهَيْنِ :(الْأَوَّلُ) أَنَّهُ - تَعَالَى - لَمَّا حَكَى عَنِ الْيَهُودِ شُبُهًا طَاعِنَةً فِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَجَابَ عَنْهَا أَتْبَعَهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ - تَعَالَى - أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ - عَلَى أُمَّةِ مُوسَى، وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - أَنْ يَشْرَحُوا مَا فِي هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى صِحَّةِ دِينِهِ، وَصِدْقِ نَبُوَّتِهِ، وَرِسَالَتِهِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّعَجُّبُ مِنْ حَالِهِمْ كَأَنَّهُ قِيلَ : كَيْفَ يَلِيقُ بِكُمْ إِيرَادُ الطَّعْنِ فِي نَبُوَّتِهِ، وَدِينِهِ مَعَ أَنَّ كُتُبَكُمْ نَاطِقَةٌ، وَدَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْكُمْ ذِكْرُ الدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ نَبُوَّتِهِ، وَدِينِهِ، (الثَّانِي) أَنَّهُ - تَعَالَى - لَمَّا أَوْجَبَ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتِمَالَ الْأَذَى مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ إِيذَائِهِمْ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْتُمُونَ مَا فِي التَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ مِنَ الدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ فَكَانُوا يُحَرِّفُونَهَا، وَيَذْكُرُونَ لَهَا تَأْوِيلَاتٍ فَاسِدَةً، فَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الصَّبْرُ اهـ. وَقَدْ عَلِمْتَ مَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْأَذَى فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ.